ثانيا: ان الخطب ككلّ المحاورات البشرية تختلف باختلاف الأزمنة و الأمكنة و حالات المتكلّم و كذلك حالات المخاطبين، فكل حالة تقتضي أسلوبا خاصا، فلا فيمكن أن يكون اسلوب الخطبة في صلاة الجمعة نفس الاسلوب في التعبئة العامة للحرب، و حتى في الحرب، فانّ الخطب لمقدمات الحرب تختلف في الاسلوب عن الخطب عند المواجهة العسكرية، و هذه الحالات كلّها تختلف عن خطبه بين الأصحاب حيث لا حرب و لا ضراب، فمن الطبيعي أن نجد الايجاز الشديد في بعضها و التسلسل المنطقي في آخر، و إنّي لأرى أنّه لو كانت الخطب على نسق واحد لكانت مبعثا للشك و التصنّع دون ماهي عليه الحال، و نظرة عابرة إلى الفترات الزمنية لهذه الخطب تكشف عن اختلاف الحالات النفسية فيها:
1-المناسبات الدينية كالعيد و الجمعة و الاستقساء 4: 3، 7: 221، 8: 244.
2-المناسبات السياسية في الشورى 1: 162 و 184 و 197، 3: 34.
(3) التعبئة للحرب في معركة الجمل 3: 113.
(4) ساحة الحرب في صفين 3: 150.
(5) ساحة الحرب في النهروان 2: 265، 3: 172.
الشبهة التاسعة-الأعداد و التقاسيم المتوازية
:
و ذهب فؤاد أفرام البستاني إلى الشك من جهة طريقة الأعداد و التقاسم المتوازية، و قال ما لفظه: «بيد أنّا نرى سببا جديدا يدفعنا إلى الشك في بعض مقاطع حكمية و تفسيرية من التي تدخل فيها الأعداد و التقاسيم المتوازية، المتشعبّة، المتّفقة عددا كقوله: «الاستغفار على ستة معان» و «الايمان على أربع دعائم: على الصبر، و اليقين، و العدل، و الجهاد. و الصبر منها على أربع شعب... الخ» بتقسيم كل دعامة إلى أربع شعب، و كذلك الكفر و تقسيمه إلى اربع دعائم، و الشك إلى أربع شعب، و غير ذلك. فإنّ استعمال الطريقة العددية في الشروح، و تقسيم الفضائل أو الرذائل على اسلوبها، لا نراه في الآداب