responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : دراسة حول نهج البلاغة المؤلف : السيد محمد حسين الجلالي    الجزء : 1  صفحة : 64

الشبهة السادسة-الوصف الدقيق‌

:

قال الأستاذ زكي ما لفظه: «من بواعث الشك فيه الوصف الدقيق، و أجل مظهر له خطبته في وصف الخفاش و وصف الطاووس و وصف النملة، و نحن لا نكاد نفقه للشك في ذلك معنى، هاك وصف الخفاش و عدته أحد و عشرون سطرا، تأملّه تجده مفتتحا بديباجة في حمد اللّه الذي ينحسر الوصف عن كنه معرفته، و لا تبلغ العقول غاية ملكوته، و أنه خلق الخلق على غير تمثيل و لا معونة معين.. الخ، و هذه استغرقت ستة أسطر، ثم عرج على وصف الخفاش-و ننبهك إلى أنّ وصف الخفاش أو غيره ليس مقصودا لذاته و انما هو لبيان حكمة القدير العليم و كمال مقدرته-و بتأمله ترى تسعة أسطر منه و نصف سطر تدور معانيها على محور واحد، خلاصته أنها تسدل جفونها بالنهار على أحداقها و تجعل الليل سراجا تستدل به في التماس أرزاقها، و تعجّب من أن تعشى أعينها عن أن تستمدّ من الشمس المضيئة نورا تهتدي به في مذاهبها. ثم أربعة أسطر و نصف سطر في أن اللّه جعل لها أجنحة رقيقة من لحمها غير ذوات ريش و لا قصب تطير بها، و أنها تطير و ولدها لاسق بها لاجي‌ء إليها لا يفارقها حتى تشتد أركانه، ثم السطر الختامي في تسبيح الباري الخالق لكل شي‌ء على غير مثال.

هذا وصفه للخفاش-و قد تعمّدنا أن نسوق لك العبارات السالفة مقتبسة منه بنصها-فهل ترى بعد هذا الوصف دقيقا، و هل تجد فيه من النظر الفلسفي و التشريح الطبي ما يبعث على تصوّر الدقة فيه، و هل فيه دقائق من المعاني و الأفكار التي لا يرتقي إليها إلاّ العقول السامية؟ و قد ذكر مثل ذلك في النملة، و ممّا قال: إنها تنقل الحب إلى جحرها و تجمع في حرّها لبردها، و إنها لا يغفلها المنان و لو في الصفا اليابس و الحجر الجامس، و إنك لو فكّرت في مجاري أكلها و ما في الجوف من شراسيف بطنها، و ما في الرأس من عينها و أذنها لقضيت من خلقتها عجبا و لقيت من وصفها تعبا» .

و قد أنصف الاستاذ زكي حيث قال في ردّ هذه الشبهة ما لفظه: «و أخالك بعد إجالة

اسم الکتاب : دراسة حول نهج البلاغة المؤلف : السيد محمد حسين الجلالي    الجزء : 1  صفحة : 64
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست