responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : دراسة حول نهج البلاغة المؤلف : السيد محمد حسين الجلالي    الجزء : 1  صفحة : 56

يعتاص على الباحث فهمها و يفتقر في درسها إلى كدّ ذهن و كدح خاطر. اللهم لا، إنّها حكم سائغة مرسلة تمتزج بالروح من أقرب طريق و تدبّ الى القلب دون تعمّل أو عناء، و ليس أحد يماري في أنّ إيراد العرب للحكمة البالغة و ضربهم الأمثال الرائعة فطري فيهم، معروف عنهم منذ جاهليتهم، لما أوتوه من صفاء الذهن و اتّقاد القريحة و سرعة الخاطر، و قد اشتهر كثير منهم بذلك قبل الإسلام، ا فتستكثر الحكمة السامية على عليّ و هو-من علمت-سليل قريش الذين كانوا أفصح العرب لسانا و أعذبها بيانا و أرقّها لفظا و أصفاها مزاجا و ألطفها ذوقا، و قد قدّمنا لك أنه ربّي في بيت النبي 6 منذ حداثته فنشأ و شب في بيت النبوّة و مهد الحكمة و ينبوعها، و لازم الرسول حتى مماته، و قد قال عليّ في بعض خطبه: «كنت اتبعه اتباع الفصيل اثر امّه، يرفع لي في كل يوم من أخلاقه علما و يأمرني بالاقتداء به» ، و كان من كبار كتاب وحيه، و حفظ القرآن كله حفظا جيّدا، و سمع الحديث الشريف و وعاه، و تفقّه في الدين حتى كان اماما هاديا و عالما عيلما، و فوق ذلك فأنت تعلم ان الشدائد ثقاف الاذهان و صقال العقول تفتق عن مكنون الحكمة و تستخرج عصيها و قد مرّ بالإمام حين من عمره حافل بالشدائد، ملى‌ء بالعظائم و الأهوال، و حسبه ان يحمل مع ابن عمه 6 أعباء أمره، و يبيت في فراشه ليلة هجرته متعرّضا لأذى المشركين الراصدين للرسول، و أن يخوض غمار الحرب في كلّ غزواته-إلاّ واحدة-ثم هو يقضي طوال خلافته مذ بويع إلى ان قتل (أربع سنين و تسعة أشهر) في شجار و نضال و جلاد و كفاح، تارة مع عائشة و مناصريها، و اخرى مع معاوية و أشياعه ثم يبتلي بخلاف أصحابه عليه، و يعاني من اختلاف مشاربهم و تباين أهوائهم و غريب شذوذهم و تحكّمهم، و اعتسافهم ما يضيق عنه صدر الحليم، و يندّ معه صبر الصبور. كل أولئك التجارب و الظروف قد حنّكته، و صفت من جوهر عقله، و ثقّفت من حديد ذهنه، و أمدّته بفيض زاخر من الحكم الثاقبة و الآراء الناضجة، و ما العقل إلاّ التجربة و الاختبار» .

و أضاف: «و أخالك تذكر ما قدمناه لك آنفا من أنه كان معروفا بين الصحابة بأصالة الرأي و سداد الفكر، فكان بعض الخلفاء يفزع إلى مشورته إذا حزبه أمر فيجيد الحز

اسم الکتاب : دراسة حول نهج البلاغة المؤلف : السيد محمد حسين الجلالي    الجزء : 1  صفحة : 56
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست