قال: «فاستحسن جماعة من الأصدقاء ما اشتمل عليه الفصل المقدّم ذكره، معجبين ببدائعه، و متعجّبين من نواصعه و سألوني عند ذلك أن ابتدأ بتأليف كتاب يحتوي على مختار كلام أمير المؤمنين 7 في جميع فنونه، و متشعّبات غصونه، من خطب و كتب و مواعظ و أدب، علما أنّ ذلك يتضمّن من عجائب البلاغة و غرائب الفصاحة و جواهر العربية و نوائب الكلم الدينية و الدنياوية ما لا يوجد مجتمعا في كلام، و لا مجموع الأطراف في كتاب» .
و يلاحظ في كلام الشريف الرضي نقاطا:
الاولى: أنّ السبب في قيام الشريف الرضي بهذا الجمع هو طلب «جماعة من الاصدقاء» و نحن و ان كنا لا نعرفهم بالأسماء و لكن نعرف انهم جماعة استحسنوا ما نقله الشريف الرضي عن الامام من المواعظ و الحكم و الامثال في كتابه خصائص الأئمة :، و كانوا معجبين ببدائعه، فسألوه التوسّع في الموضوع بتأليف جامع لا يقتصر على الحكم خاصة بل يشمل الخطب و الرسائل البلغية للامام، و قد استجاب الشريف الرضي للطلب بعد أن وجد المكتبة الإسلامية شاغرة من ذلك.
ثانيا: انه استهدف جمع البليغ من كلام الامام من الخطب و الرسائل و الحكم، و لم يجمع كل ما صدر منه 7 من محاوراته العادية، شأن كل الناس في حياتهم الاجتماعية، و بهذا امتاز عمل الشريف الرضي عمّن تقدمه ممّن جمع خطب الامام عليّ 7 من الرواة و المحدّثين، حيث إنهم لم يركّزوا على هذا الهدف بل كان هدفهم الجمع فقط دون الانتقاء.
أمّا عن السؤال عن أنّه ; لمن استجاب؟فإنّ الشريف الرضي لا ينصّ على الذين استجاب لطلبهم في جمع نهج البلاغة، و قد اختار جمعا للصداقة ممن يجمعهم إيّاه ذوق