اسم الکتاب : دراسات في الأصول / تقريرات المؤلف : السيد صمد علي الموسوي الجزء : 1 صفحة : 206
و الوجه فيه على ما سلكناه في باب الوضع من أنّه عبارة عن التعهّد و الالتزام فواضح؛ ضرورة أنّه لا معنى للالتزام بكون اللفظ دالّا على معناه و لو صدر عن لافظ بلا شعور و اختيار، بل و لو صدر عن اصطكاك حجر بآخر، و هكذا، فإنّ هذا غير اختياري، فلا يعقل أن يكون طرفا للتعهّد و الالتزام.
و عليه فلا مناص من الالتزام بتخصيص العلقة الوضعيّة بصورة قصد تفهيم المعنى من اللفظ و إرادته، سواء كانت الإرادة تفهيميّة محضة و استعماليّة أم جدّيّة، فإنّه أمر اختياري، فيكون معلّقا للالتزام و التعهّد.
و بالجملة، أنّ اختصاص الدلالة الوضعيّة بالدلالة التصديقيّة لازم حتمي للقول بكون الوضع بمعنى التعهّد و الالتزام. و أمّا الدّلالة التصوّرية- و هي الانتقال إلى المعنى من سماع اللفظ- فهي غير مستندة إلى الوضع، بل هي من جهة الانس الحاصل من كثرة الاستعمال أو من أمر آخر، و من ثمّة كانت هذه الدلالة موجودة حتّى مع تصريح الواضع باختصاص العلقة الوضعيّة بما ذكرناه، فيكون مراد العلمين من الدلالة الدلالة التصديقيّة الوضعيّة، و لا ربط للدلالة التصوّريّة بباب الوضع أصلا.
و لكنّ التحقيق: أنّه- مع أنّ أصل مبناه مردود عندنا، و انحصار الدلالة الوضعيّة بالدلالة التصديقيّة مخالف للمشهور كما اعترف به- مخالف للواقع، فإنّه إن سمّي مولود باسم «عليّ» و قال أحد بعد لحظات: جئني ب «عليّ» و معلوم أنّ القول بعدم الانتقال إليه مخالف للوجدان، و أمّا انتقال الذهن إليه فليس مستندا إلى كثرة الاستعمال، فلا محالة يستند إلى الوضع و التسمية، و إذا كان الأمر كذلك فما الدليل على خروج الدلالة التصوريّة عن الدلالة الوضعيّة؟
فلا بدّ من كونها أيضا من هذا الباب، و كان كلام العلمين أيضا ناظرا إلى هذا المعنى.
اسم الکتاب : دراسات في الأصول / تقريرات المؤلف : السيد صمد علي الموسوي الجزء : 1 صفحة : 206