اسم الکتاب : الرحلة الأنورية إلي الأصقاع الحجازية والشامية المؤلف : محمد كرد علي الجزء : 1 صفحة : 131
المشروعة، و لم يكن ذلك منهم عن خوف و خشية أو تأثير، و إنما كان ذلك عن قناعة بأمور موافقة لمعتقداتهم، و قد ترك الجيش الإسلامي بعد الانقلاب الحرية المطلقة للحكومة الملكية و الأهالي، فتعددت الأحزاب و كثرة الأندية، و تصادمت الأفكار، و زاد الاختلاف و الاضطراب إلى أن وفق اللّه أسود الجيش الإسلامي و رجال الدولة العظام لتلافي الأمر، و لإزالة ذلك الاختلاف و الاضطراب.
و بعد أن بحث فيما تولد في بلاد الأرناءوط من الجدال و القيل و القال تكلم فيما كان في سورية و الأراضي المقدسة من المناقشة و المجادلة و اجتهاد الوزارة التي سقطت في إزالة سوء التفاهم و الإصلاح و سوء الإدارة، و لم يكن لها التوفيق رفيقا لا في تشخيص المرض و العلة، و لا في الأدوية و المعالجات إلى أن قيض اللّه لهذه البلاد دولة أحمد جمال باشا، فعين قائدا عامّا للجيش السلطاني الرابع، فنقل مسألة فلسطين و سورية من طور إلى طور، و من حال إلى حال، و كشف مرضهما المزمن الذي كان مستعصيا، و نوع له المعالجة في صور مختلفة، و عقاقير منوعة؛ حتى زال المرض بحول اللّه و قوته، و قال: إنه يعتقد أن أكثر رجال هذا الحزب السياسي لا يقدرون على مسلكه و متانته و حكمته التي سلك بها هذا المسلك العجيب.
ثم تكلم في نفرة دولة أنور باشا من مدح الشعراء و ثناء الجرائد و أهل الخطب، و قد قسم الفرح بالمدح و الثناء إلى قسمين؛ أحدهما مذموم إن دخله الغرور و الزهو و الكبر و الفخر؛ كقوله تعالى لا تَفْرَحْ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ و إن كان الفرح بما أنعم اللّه به تعالى من الأخلاق العظيمة كحسن الاعتقاد و الشجاعة و الإقدام و الثبات و العزم في الأمور، فالفرح مطلوب؛ تحدثا بنعمة
اسم الکتاب : الرحلة الأنورية إلي الأصقاع الحجازية والشامية المؤلف : محمد كرد علي الجزء : 1 صفحة : 131