اسم الکتاب : الرحلة الأنورية إلي الأصقاع الحجازية والشامية المؤلف : محمد كرد علي الجزء : 1 صفحة : 10
في حلب الشهباء
وصل القطار المقل رجل الإسلام أنور باشا إلى مدينة حلب على الطائر الميمون بعد الغروب، و كان أهلها على اختلاف طبقاتهم يرقبون طلعته الكريمة رقبة هلال العيد، و لا عجب؛ فقد كان قدومه عيدا عامّا للبلاد كلها، فاحتفلت حكومة الشهباء بالزائر الكريم بأقصى ما عندها من أنواع الحفاوة، فمن كتائب الجند إلى سرايا الشرطة و الدرك فالجلاوزة فطلبة المكاتب و المدارس و صنوف الطبقات العلمية و الجندية و الإدارية، و في مقدمتهم عطوفة والي حلب مصطفى عبد الخالق بك، أما شوقي باشا قائد فيلق حلب فذهب إلى راجو لاستقبال الناظر المعظم، و لما نزل من القطار حيّا المستقبلين أجمل تحية، و حلّ في نزل البارون.
و في المساء أقام والي حلب في هذا النزل ضيافة لدولته و دولة زميله أحمد جمال باشا، حضرها رجال معية الرجلين، و أقامت بلدية حلب من الغد في المكتب السلطاني ضيافة فاخرة لضيف البلاد، حضرها القائد العام، و قد ألقى الشيخ كامل الغزي من أساتذة الشهباء في الآداب قصيدة غرّاء، كان لها الوقع الحسن، وفاه سعادة نافع باشا الجابري- عين أعيان هذه المدينة- بخطاب تركي رحّب فيه بالقادم الكريم، و أظهر عواطف الأهالي، و قال: إن القوم كانوا جميعا في تشوق تام لمشاهدة أنوار هذا البطل، و إن جميع الأحزاب و الفرق منذ إعلان الحرب اجتمعت على مظاهرة هذه الوزارة الحاضرة و القيام بخدمتها، و أن كل من يقدر على حمل السلاح متطوع أو مرابط في هذه الولايات، مستعد للقاء كل عدو.
اسم الکتاب : الرحلة الأنورية إلي الأصقاع الحجازية والشامية المؤلف : محمد كرد علي الجزء : 1 صفحة : 10