responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الذريعة إلى حافظ الشريعة المؤلف : رفيع الدين محمد الجيلاني    الجزء : 1  صفحة : 520

ثمّ أقول: الآية الاولى صريحة في أنّ المراد بالكتاب في الآية الثانية القرآن، وقد اعترف بذلك البيضاوي أوّلًا، ثمّ جوّز أن يكون المُراد التوراة، والموروث منهم الامم السابقة، ويكون آية «وَ الَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ» جملة معترضة. وهذا كماترى.

وقال في توجيه إيراد الإيراث بصيغة الماضي: «حكمنا بتوريثه منك أو نورّثه، فعبّر عنه بالماضي لتحقّقه، أو أورثناه من الامم السالفة، والعطف على‌ «إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ» [1]، «وَ الَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ» اعتراض لبيان كيفيّة التوريث» [2].

فأقول: يحتمل أن يكون «أورثنا» بمعنى استودعنا واستحفظنا، و «عبادنا» عبارةً عن هذه الامّة التي علم اللَّه أنّ بعضهم أشرار ظلمة، وبعضهم أئمّة يهدون بالحقّ، وبعضهم مقتفي آثار الأئمّة، ويكون «من» في «من عبادنا» ابتدائيّةً، والجارّ متعلّق ب «اصطفينا» أي انتخبناهم من بين العباد، والمصطفون من بين العباد المستودَعون للكتاب المستحفظون إيّاه هم صنف الأئمّة من أصناف الامّة، وضمير «منهم»- المشتمل على الأصناف الثلاثة- للعباد، أي الامّة، والفاء فيه للسببيّة كما نقل صاحب المغني في قوله تعالى‌: «أَ لَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَتُصْبِحُ الْأَرْضُ مُخْضَرَّةً» أي فصار الاصطفاء سبباً ومنشأً لأن تكون الامّة كذا وكذا [3]؛ لأنّه بالاصطفاء حصل صنف، وبمخالفة المصطفى صنف آخر، وبمتابعته حصل صنف ثالث؛ فلم تزد الأصناف عن الثلاثة ولم تنقص.

وهذا التقسيم يحاذي في الأقسام قوله تعالى‌: «وَ أَصْحابُ الْيَمِينِ ما أَصْحابُ الْيَمِينِ فِي سِدْرٍ مَخْضُودٍ وَ طَلْحٍ مَنْضُودٍ وَ ظِلٍّ مَمْدُودٍ وَ ماءٍ مَسْكُوبٍ» [4] الآيه. «وَ أَصْحابُ الشِّمالِ ما أَصْحابُ الشِّمالِ فِي سَمُومٍ وَ حَمِيمٍ وَ ظِلٍّ مِنْ يَحْمُومٍ» [5] الآية. «وَ السَّابِقُونَ‌


[1]. فاطر (35): 29.

[2]. أنوار التنزيل، ج 4، ص 419.

[3]. مغني اللبيب، ج 1، ص 162.

[4]. الواقعة (56): 27- 31.

[5]. الواقعة (56): 41- 43.

اسم الکتاب : الذريعة إلى حافظ الشريعة المؤلف : رفيع الدين محمد الجيلاني    الجزء : 1  صفحة : 520
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست