responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الذريعة إلى حافظ الشريعة المؤلف : رفيع الدين محمد الجيلاني    الجزء : 1  صفحة : 498

كفاك مؤونتها، إنّما عليك أن تنذرهم، وتحذر عن متابعة الهوى والغفلة، وبعد التأثّر بالإنذار ورفض الهوى بحملهم العقول على طلب مرضاة اللَّه تعالى‌ ومسخطاته، وحينئذٍ ينصب لهم من دلائل النبوّة ما يناسب حالهم، ويثبت به الحجّة عليهم، ولا يعلم ذلك إلّاالذي جبل الخلائق على طبائع مختلفة وعقول متفاوتة، وكثيراً ما يثبت صدق النبيّ بإخبار نبيّ سابق، وربّما يثبت بمحامد خصال اجتمعت فيه، وربّما ينغرس الصدق بمجرّد مشاهدة السيماء.

فظهر من هذا البيان أنّ المقصود جواب قولهم: «لَوْ لا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ» وهو قد تمّ بقوله تعالى‌: «إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرٌ» ولا مدخل في ذلك لقول: «وَ لِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ» فينبغي الوقف على‌ «مُنْذِرٌ» و جَعْلُ‌ «وَ لِكُلِّ قَوْمٍ» كلاماً مستأنفاً. وقد حُرم هذا الفهمَ البيضاوي‌ [1]، ورُزق الكواشي، قال:

المنذر: محمّد. والهادي: عليّ. ومن جعل الهادي محمّداً لم يقف على منذر؛ لأنّ المعنى: إنّما أنت منذر وهاد، ومن جعل غيره وقف على منذر. انتهى‌.

أقول: لو كان المراد أنّ الهادي محمّد، كان حقّ العبارة: «إنّما أنت منذر وهاد لكلّ قوم» أو «إنّما أنت منذر لكلّ قوم وهاد». ومن له ذوق سليم ودراية بأساليب الكلام لايخفى‌ عليه صدق ما قلناه؛ فتدبّر.

وفي تفسير عليّ بن إبراهيم:

حدّثني أبي، عن حمّاد، عن أبي بصير، عن أبي عبد اللَّه 7، قال: «المنذر: رسول اللَّه 6، والهادي: أمير المؤمنين 7 وبعده الأئمّة :، وهو قوله: «وَ لِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ» [أي‌] في كلّ زمان إمام هاد». وهو ردّ على من ينكر أنّ في كلّ عصر وزمان إماماً، وأنّه لا تخلو الأرض من حجّة، كما قال أمير المؤمنين 7: «لا يخلو الأرض من قائم بحجّة للَّه إمّا ظاهراً مشهوراً، أو خائفاً مغموراً؛ لئلّا يبطل حجج اللَّه وبيناته» [2] انتهى‌.

ولعلَّ قوله سبحانه: «وَ لِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ» شبه استيناف؛ لما عسى أن يخطر بالبال من أنّ‌


[1]. أنوار التنزيل، ج 3، ص 319.

[2]. تفسير القمّي، ج 1، ص 359.

اسم الکتاب : الذريعة إلى حافظ الشريعة المؤلف : رفيع الدين محمد الجيلاني    الجزء : 1  صفحة : 498
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست