responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الذريعة إلى حافظ الشريعة المؤلف : رفيع الدين محمد الجيلاني    الجزء : 1  صفحة : 480

والأظهر أنّ شكّ الحواسّ والردّ إلى القلب كناية عن احتياجها في الإدراك إليه و كون معرفتها به. قال الصادق 7 في الكتاب المشتهر بالإهليلجة مخاطباً للطبيب الذي أنكر وجود غير المحسوس:

«أمّا إذ أبيت إلّاالجهالة، و زعمت أنّ الأشياء لا تدرك إلّابالحواسّ، فإنّي اخبرك أنّه ليس للحواسّ دلالة على الأشياء، ولا فيها معرفة إلّابالقلب؛ فإنّه دليلها و معرّفها الأشياء التي تدّعي أنّ القلب لايعرفها إلّابها.

فقال: أمّا إذ نطقت بهذا، فما أقبل منك إلّابالتخليص والتفحيص منه بإيضاحٍ وبيانٍ وحجّةٍ وبرهانٍ.

قلت: فأوّل ما أبدأ به أنّك تعلم أنّه ربما ذهبت الحواسّ أو بعضها، ودبر القلب للأشياء التي فيها المضرّة والمنفعة من الامور العلانية والخفيّة، فأمر بها ونهى‌، فنفذ فيها أمره، وصحّ فيها قضاؤه.

قال: إنّك تقول في هذا قولًا يشبه الحجّة، ولكنّي احبّ أن توضحه لي غير هذا الإيضاح.

قلت: ألست تعلم أنّ القلب يبقى‌ بعد ذهاب الحواسّ؟

قال: نعم، يبقى‌ بغير دليل على الأشياء التي تدلّ عليها الحواسّ.

قلت: أفلست تعلم أنّ الطفل تضعه امّه مضغةً ليس تدلّه الحواسّ على‌ شي‌ءٍ يسمع ولايبصر ولا يُذاق ولا يلمس؟ [1]

قال: بلى‌.

قلت: فأيّة الحواسّ تدلّه‌ [2] على‌ طلب اللبن إذا جاع، والضحك بعد البكاء إذا روى من اللبن؟ وأيّ حواسّ سباع الطير ولاقط الحبّ، منها دلّها على‌ أن تلقي بين أفراخها اللحم والحبّ، فتهوي‌ [3] سباعها إلى اللحم والآخرون إلى الحبّ؟ وأخبرني عن فراخ طير الماء؛ ألست تعلم أنّ فراخ طير الماء إذا طُرحت فيه سبحت، و إذا طُرحت [فيه‌] فراخ طير البرّ غرقت، والحواسّ واحدة، فكيف انتفع بالحواسّ طير الماء وأعانته على‌ السباحة، ولم ينتفع طير البرّ في الماء بحواسّها؟ وما بال طير البرّ إذا غمستها في الماء ساعةً ماتت، وإذا


[1]. في المصدر:+/ «ولايشمّ».

[2]. في المصدر: «دلّته».

[3]. في المصدر: «فتأوي».

اسم الکتاب : الذريعة إلى حافظ الشريعة المؤلف : رفيع الدين محمد الجيلاني    الجزء : 1  صفحة : 480
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست