الإحداث- وهما المشيّة الحادثة، أو العلم باستحقاق الوجود وهو المشيّة القديمة التي هي عين الذات- فلا منافاة بين شاء وأراد ولم يحبّ؛ إذ كلّ ما وجد فهو مستحقّ للوجود، وإيجاده وإحداثه إنّما هو بيد خالق كلّ شيء، مؤمناً كان أو كافراً، مطيعاً كان أو عاصياً، وليست الإثابة شاملة للجميع. ولمّا لم يكن للسائل أهليّة أن يشرح له، قال 7: «هكذا خرج إلينا».
إرادة اللَّه الحتميّة الذاتيّة القديمة مرجعها إلى العلم باستحقاق الوجود على الوجه المخصوص، والفعليّة الحادثة تهيئة جميع أسباب تحقّق الفعل أو الترك، فإن كان المراد نفس الاختيار، فإرادته الفعليّة توجيه ما يعلم أنّ العبد معه يهيج اختياره للشيء الخاصّ، وإن كان اختياريّاً- أي أمراً من جملة أسباب تحقّقه إرادة العبد واختياره- فتيسير جميع ما يعلم أنّ العبد يتوصّل به إلى المختار.
فظهر بهذا البيان أنّ كلّ ما هو في حيطة التحقّق فبإرادة اللَّه الحتميّة، ولا ينافي ذلك أن يكون لإرادة العبد مدخل فيه.
وكلام سيّد الساجدين 7 حيث قال في دعاء يوم الأضحى والجمعة: «ابْتَزّوها- يعني الإمامة والخلافة- وأنت المُقَدِّرُ لذلك، لا يخالف [1] أمرُك، ولا يُجاوَزُ المحتومُ مِنْ تَدْبِيرِك، كيف شئتَ وأنّى شئتَ» [2] ناظر إلى هذا المعنى.
وسيجيء في كتاب الحجّة في باب أنّ الأئمّة : يعلمون علم ما كان وما يكون:
فقال له حُمرانُ: جُعلتُ فداك، أرأيتَ ما كان من أمر قيام عليّ بن أبي طالب والحسن والحسين : وخروجهم وقيامهم بدين اللَّه- عزّ ذكره- وما اصيبوا من قَتْلِ الطواغيتِ إيّاهم والظَّفَر بهم حتّى قُتِلوا وغُلِبُوا؟