الرضا 7، وسنورد هناك بعضَ ما تركنا هاهنا، وقد مرّ بعضها في باب نفي الجسم والصورة، وباب نفي الزمان والمكان. [1]
انتهى كلامه أعلى اللَّه مقامه.
وأنا أقول: حلّ الشبهة المورَدة في مسبوقيّة أفعال العباد بإرادتهم إنّما هو بأن يبيّن معنى كون إرادتهم مخلوقةً بنفسها، وقد بيّنّاه في رسالتنا في إبطال الجبر والتفويض وإثبات الأمر بين الأمرين.
ونقول هاهنا على وجه الإجمال: إنّ الإرادة المطلقة من الصفات الذاتيّة للحيوان بما هو حيوان، ولذا تسمعهم يقولون في حدّ الحيوان: «إنّه جوهر قابل للأبعاد نامٍ حسّاسٌ متحرّك بالإرادة». وأمّا الإرادات الجزئيّة نوعاً وشخصاً، فتابعة للفصول والقوى المركّبة في كلّ نوع، والمزاج وقوّة القوى وضعفها بالفطرة، وبمصادفات الامور الخارجيّة من المعاشرات والاكتسابات للعلوم والأخلاق والسلطنة والمال إلى غير ذلك. والكلّ بتقدير الحكيم القدير ومشيّته وقضائه، وكلّ مصادف بالنسبة إلى خصوص كلّ أحدٍ مهيّج قوّة من القوى، وداعٍ إلى حركة خاصّة، وإذا تعارضت القوى فالدست للغالب، فهيجان الشوق إلى ما دعاه الغالب هو الإرادة الجزئيّة، فالإرادة المطلقة كالمادّة تحصل لها في كلّ شخص باعتبار الحالات المذكورة صورةٌ، وتكون كامنةً فيه إلى أن تبرز بأسباب البروز وتصير شخصاً؛ «از كوزه همان برون طراود كه دروست» والعصمة من اللَّه.
وفي الصحيفة السجّاديّة التي هي زبور آل محمّد :: «إذا هَمَمْنا بهَمَّيْنِ يُرضيك أحدُهما عنّا، ويُسخطك الآخر علينا، فَمِلْ بنا إلى ما يُرضيك عنّا، وأوْهِنْ قوّتَنا عمّا يُسخِطُك علينا، ولا تُخَلِّ في ذلك بين نفوسنا واختيارها؛ فإنّها مختارةٌ للباطل إلّاما وَفَّقْتَ، أمّارةٌ بالسوء إلّاما رَحِمْتَ». [2]
وفيما سمح جواد القلم هاهنا كفايةٌ لمن كان له قلبٌ أو ألقى السمع وهو شهيد.