ويُحتمل أن يكون هذان مذهبهما قبل الرجوع إلى الأئمّة : والأخذ بقولهم؛ فقد قيل:
إنّ الهشام بن الحكم قبل أن يلقى الصادق 7 على رأي جهم بن صفوان. [1] انتهى ما نقلناه من البحار.
باب صفات الذات
قال الفاضل المحقّق صاحب البحار:
اعلم أنّ أكثر الأخبار [2] تدلّ على نفي زيادة الصفات؛ أي على نفي صفات موجودة زائدة على ذاته؛ أمّا كونها عينَ ذاته بمعنى أنّها تصدق عليها، أو أنّها قائمة مقام الصفات الحاصلة في غيره تعالى، أو [أنّها] امور اعتباريّة غير موجودة في الخارج واجبة الثبوت لذاته تعالى، فلا نصّ فيها على شيءٍ منها، وإن كان الظاهر من بعضها أحدَ المعنيين الأوّلين، ولتحقيق المقام من [3] ذلك مقامٌ آخر.
قال المحقّق الدواني: لا خلاف بين المتكلِّمين كلّهم والحكماء من [4] كونه تعالى عالماً قديراً مريداً متكلِّماً وهكذا في سائر الصفات، ولكنّهم تخالفوا في أنّ صفاته عين ذاته أو غير ذاته، أو لا هو ولا غيره؛ فذهب المعتزلة والفلاسفة إلى الأوّل، وجمهور المتكلّمين إلى الثاني، والأشعري إلى الثالث، والفلاسفة حقّقوا عينيّة الصفات بأنّ ذاته تعالى من حيث إنّه مبدأ لانكشاف الأشياء [عليه] عِلْم، ولمّا كان مبدأُ الانكشاف عينَ ذاته كان عالماً بذاته، وكذا الحال في القدرة والإرادة وغيرهما من الصفات. قالوا:
وهذه المرتبة أعلى من أن تكون تلك الصفات زائدةً عليه؛ فإنّا نحتاج في انكشاف الأشياء علينا إلى صفة مغايرة لنا، قائمة بنا، واللَّه تعالى لا يحتاج إليه، بل بذاته ينكشف الأشياء عليه، ولذلك قيل: محصول كلامهم نفي الصفات وإثبات نتائجها وغاياتها.
وأمّا المعتزلة، فظاهر كلامهم أنّها عندهم من الاعتباريّات العقليّة التي لا وجود لها في الخارج. [5]