responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الذريعة إلى حافظ الشريعة المؤلف : رفيع الدين محمد الجيلاني    الجزء : 1  صفحة : 180

وما يرد في الأرض للبذر، أفلا ترى ما في الحرّ والبرد من عظيم العناء والمنفعة، وكلاهما مع عنائه والمنفعة فيه يؤلم الأبدان ويمضّها؛ وفي ذلك عبرة لمن فكّر، ودلالة على أنّه من تدبير الحكيم في مصلحة العالم وما فيه». [1]

فصل: فيما أنزل اللَّه من السماء من ماءٍ

قال 7: «فكِّر يا مفضّل في الصحو والمطر كيف يعتقبان‌ [2] على هذا العالم لما فيه صلاحه، ولو دام واحد منهما عليه كان من ذلك فساده؛ ألا ترى أنّ الأمطار إذا توالت عفنت البقول والخضر، واسترخت أبدان الحيوان، وخثر [3] الهواء، فأحدث ضروباً من الأمراض، وفسدت الطرق والمسالك، وأنّ الصحو إذا دام جفّت الأرض، واحترق النبات، وغيض ماء العيون والأودية، فأضرّ ذلك بالناس، وغلب اليبس على الهواء، فأحدث ضروباً اخرى من الأمراض، فإذا تعاقبا على العالم هذا التعاقبَ اعتدل الهواء، ورفع كلّ واحد عاديةَ الآخَر، فصلحت الأشياء واستقامت.

فإن قال قائل: ولِمَ لا يكون في شي‌ءٍ من ذلك مضرّة البتّة؟

قيل: ليمض ذلك للإنسان ويؤلمه بعض الألم، فيرعوي عن المعاصي، فكما أنّ الإنسان إذا سقم بدنه احتاج إلى الأدوية المرّة البشعة ليقوم طباعه، ويصلح ما فسد منه، كذلك إذا طغى وأشر احتاج إلى ما يعضه ويؤلمه ليرعوي، ويقصر عن مساويه، ويثبته على ما فيه حظّه ورشده.

ولو أنّ مَلِكاً من الملوك قسم من أهل مملكته قناطيرَ من ذهب وفضّة، ألم يكن سيعظم عندهم ويذهب له به الصوت؟ فأين هذا من مطرة رواء يعمّ به البلاد، ويزيد في الغلّات أكثر من قناطير الذهب والفضّة في أقاليم الأرض كلّها؟ أفلاترى المطرة الواحدة ما أكبر قدرَها، وأعظم النعمةَ على الناس فيها وهم عنها ساهون، وربما عاقت‌


[1]. توحيد المفضّل، ص 137- 140؛ بحار الأنوار، ج 3، ص 118- 119.

[2]. في المصدر: «يتعاقبان».

[3]. خثر، أي اشتدّ وثخن. وفي المصدر: حصر. راجع: مجمع البحرين، ج 3، ص 282 (خثر).

اسم الکتاب : الذريعة إلى حافظ الشريعة المؤلف : رفيع الدين محمد الجيلاني    الجزء : 1  صفحة : 180
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست