و أيضا فإنّ الحظر [2] العقليّ آكد من السّمعيّ، و قد علمنا أنّ ورود الأمر بعد الحظر العقلي [3] لا يمنع من اقتضائه الوجوب، و كذلك وروده بعد الحظر الشّرعي.
و بعد، فإنّ [4] كونه محظورا لا يمنع من وجوبه أو كونه ندبا بعد هذه الحال، و إذا كان لا يمنع من ذلك، لم تتغيّر الدّلالة.
فإن قيل: ورود الأمر بعد الحظر يقتضى إطلاق الحظر، قلنا: لا شبهة في ذلك غير أنّ إطلاق الحظر يكون بالإيجاب و النّدب، كما يكون بالإباحة، فمن أين أنّه يقتضى إطلاق الحظر من غير زيادة على ذلك.
و اعتلالهم بأنّهم لم يجدوا في الكتاب أمرا واردا بعد الحظر إلاّ و [5] يقتضى الإباحة المحضة [6]، باطل [7]، لأنّ [8] الوجود إذا صحّ، ليس بدلالة لأنّه يمكن خلاف ما استمرّ عليه الوجود، و لأنّا لا نسلّم ذلك أيضا، لأنّ اللّه تعالى يقول: وَ لا تَحْلِقُوا رُؤُسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ، و حلق الرّأس هاهنا [9] نسك، و ليس بمباح [10] صرف [11].