اسم الکتاب : الخيارات المؤلف : الأراكي، محمد علي الجزء : 1 صفحة : 373
و الكلام الآن في تشخيص مورد الغشّ عن غيره في هذا المقام.
و ليعلم أوّلا أنّ كلّ مورد حكم فيه بصدق الغشّ لا يحكم بالفساد، فإنّ النهي لم يتعلّق بعنوان المعاملة، و ما وقع من الأمر بإلقاء الدرهم المغشوش في البالوعة معلّلا بأن لا يباع به، لا يدلّ على ذلك، إذ فرق بين قوله: لا تبع بهذا و بين قوله- 7-: «ألقه في البالوعة حتّى لا يباع شيء فيه غشّ» [1] منهيّ عنه و لا يستفاد تحريم البيع بما هو بيع عن هذا الكلام الثاني، و ذلك لأنّ المورد لمّا كان هو الدرهم، و التصرّف الغالب فيه صرفه في المعاملة و البيع و الشراء، فذكر البيع من باب انحصار فرد الغشّ فيه بالبيع، لا من باب موضوعيّة البيع.
و بالجملة: لا ظهور فيه في التحريم النفسي و بالعنوان البيعي نظير بيع الربا و نحوه، هذا مضافا إلى إطلاق أخبار الخيار فإنّها شاملة بإطلاقها مورد وجود الغشّ، و مع ذلك لم يحكم فيها بالفساد، بل بالخيار المتفرّع على الصحّة، هذا.
و أمّا تعيين مورد الغشّ: فاعلم أنّا و إن لم نكن من أهل لسان العرب و لكن قد دخل في ذهننا من موارد استعمال هذه اللفظة مفهوم، فنقول
هيهنا مراتب لا بدّ من عرضها على الوجدان.
المرتبة الأولى: أن يكون صرف عالميّة البائع بالعيب و جهل المشتري به
و عدم إعلام البائع من دون أن يسأله المشتري، و لكنّه يشتري اعتمادا على أصل السلامة، فترك إخبار البائع بالعيب في هذه الصورة خلاف النصح قطعا، و لكنّ الغشّ ليس نقيض النصح بل ضدّ له بدليل عدم مساعدة الوجدان على صدق الغشّ في هذه الصورة.
[1] الوسائل: الجزء 12، الباب 86، من أبواب ما يكتسب به، ص 209، ح 5.
اسم الکتاب : الخيارات المؤلف : الأراكي، محمد علي الجزء : 1 صفحة : 373