من طبقتي: العمال و أصحاب الثروات شأنا مهمّا في إدارة عجلة الحياة الاجتماعية، كلّ في حده الخاص، المعقول، و المشروع، فهما اذن جناحان لا ينفكان، و أمران لا غنى للمجتمع عنهما.
و غاية الأمر أن على هاتين الطبقتين أن تتبعا قانون العدل، و أن تجتنبا العدوان على حدود الطرف الآخر و حقوقه، و حينئذ فلا تبقى كف سائل، و لا يكون هناك كنز قاروني، لا غنى مفرط، و لا فقر مدقع. و حسب اعتقادنا ليس هنا من وسيلة لتحقيق ضمان مثل هذه العدالة غير الدين الإسلامي المقدس و تعاليمه الحقة، و ذلك لأنّه:
يؤسس كل سلوك و كل قانون من قوانينه على أسس التوحيد، و معرفة اللّه سبحانه، فيقود جميع أفراد الشعب- حتى في المجال الاقتصادي و المعاملات المالية- على أساس الايمان باللّه، و الارتباط مع اللّه، و الاعتقاد بالرقابة الالهية الدقيقة لتختفي كل ألوان الظلم و الحيف، و لا يظلم أحد أحدا مثقال ذرة.
إنه أشمل و أعدل القوانين، و أقربها إلى الفطرة و الضمير، و هذا أمر يحتاج إلى دراسة خاصة و مجلّد خاص لتتضح حدود الاقتصاد الإسلامي و برنامجه و يتضح- بمقارنته مع الاقتصاد الشرقي و الغربي- أن أفضل المناهج في هذا المجال هو- باعتقادنا- الإسلام.
إنّ الإسلام يسع بشموليته الواسعة كل الأشياء؛ لأنه مع الرفض المطلق للجميع يقبل الجميع نسبيّا، فهو يحترم القومية [1]، و لكن ضمن القانون، و بشرط عدم الإضرار بالآخرين، و يريد الحياة الفضلى للجميع في الحدود المعقولة كما يحترم حقوق العمال، و لكن لا بشكل يؤدي إلى طغيانهم، و يؤول إلى الهرج
[1] لا بمعناها السياسي بل بمعناها الفطري و الطبيعي كما هو الأمر، فهو معنى «حبّ الوطن من الايمان».