و يجب أن لا نغفل عن أن الحاكم الشرعي- في جميع الصور و الفروض المذكورة- غير ملزم بأن يقبل دين الغائب [1]؛ لأن شخص المدين يجوز له أن يحفظ المال بنفسه أو أن يتصدق بالحق من جانب الدائن أو وارثه، غاية ما في الباب أن هذا العمل يجب أن يتم بإذن الفقيه، و ولاية الحسبة أو ولاية التصرف الثابتة للفقيه تفيد جواز هذا العمل لا وجوبه (طبعا في ما إذا كان الإتيان بهذا العمل مقدورا للآخرين) و عنوان الولاية على الغائب، ليس موضوع دليل خاص حتى يكون ملزما.
و للمزيد من التوضيح في هذا المجال تمكن مراجعة كتاب «القرض» [2].
د- ولاية الفقيه على وديعة الغائب:
المورد الرابع من الولاية على الغائب عبارة عن الولاية على وديعة الغائب، و ذلك بأن يودّع أحد مالا عند آخر ثم يغيب المودّع لسفر أو شبهه فإن الودعيّ (أي من عنده الوديعة) يجوز له أن يسلّم الوديعة إلى الفقيه، و يريح نفسه من عناء المحافظة عليها.
يقول المحقق في الشرائع في الفرض الحاضر: «لا يبرأ المودع إلّا بردّها إلى المالك، أو وكيله، فإن فقدهما فإلى الحاكم مع العذر، و مع عدم العذر يضمن» [3].
[1] قال في الجواهر 27: 144: الأقوى وجوب القبول، و لكن لم يقدم لهذا دليلا واضحا إلّا قوله: «لأن الحاكم ولي الغائب و منصوب للمصالح» و قد أوضحنا الجواب على هذا الدليل في نص الكتاب.
[2] يراجع لذلك كتاب الحدائق 20: 146 فما بعد، و الجواهر 25: 41 فما بعد في دراسة الأقوال و الأحاديث الواردة في الموضوع أعلاه، و المنهاج 2: 188، المسألة 808، كتاب القرض، و التحرير 2: 146، المسألة 3.