و لكن شيئا فشيئا تفتحت لدى الناس روح التحرر، و صمموا على أن يخلّصوا أنفسهم من تلك الحكومات الاستبدادية.
و إن أول شعب استطاع أن يكافح حتى يحصل على حريته الموهوبة له إلهيا، هو شعب اليونان القديم الذي أسس النظام الجمهوري في القرن الحادي عشر قبل الميلاد [1] و شكّل مجلس النواب (مجلس الشورى) ليحكم القانون على الشعب لا أن تحكم عليه إرادة الفرد، و تبعهم في ذلك الشعب الروماني، و في حدود (59) عاما قبل الميلاد شكل الحكومة الجمهورية، و كتب دستورا للشعب [2].
و لكن مع كل هذا لم تتمكن الشعوب من أن تصل إلى حريتها الحقيقية؛ لأن المنتخبين في المجلس كانوا غالبا من طبقة النبلاء و الأشراف و السلطويين التي كانت هي أيضا تمارس نوعا من الاستبداد، و من هنا كانت تحدث الاختلافات و تنشب الحروب الدموية بين الشعب و السلطات الحاكمة بين الحين و الحين الآخر، و كان نتيجة ذلك أن وجدت لدى المجتمعات مرة أخرى حالة من الاستعداد للخضوع للحكومات الامبراطورية، و الاستبدادية، و في الروم وصل القياصرة إلى الامبراطورية و استمرت حكومتهم إلى أن انقرضت على يد السلطان محمد الثاني الفاتح عند ما سقطت القسطنطنية على يده [3].
و في القرون الوسطى كانت أكثر بلاد العالم إلّا نادرا تحكمها حكومات استبدادية [4].
[1] دائرة معارف القرن العشرين (فريد وجدي) 3: 172- 174.