بهذا النحو يتضح أن السلطة التشريعية و التنفيذية اللتين تشكلان ركني السلطة الحاكمة لو انحصرتا في فرد واحد (كالنبي أو الإمام) أو أفراد معدودين (كمجلس النواب، و هيئة الوزراء، أو الفقهاء) صحيح أنه تتحقق الحاكمية المباشرة يعني أن الفرد أو المجلس هو الذي يضع القانون كما أنه هو الذي ينفذه، و لكن تكون كلتا السلطتين المذكورتين مع ذلك في حوزة أكثرية الناس و بيدها كما هو الحال في الحكومة الديمقراطية حسب شرحنا الذي أسلفناه- بمعنى أن منشأ سلطة المجلس و الدولة هو الشعب نفسه؛ لأن الناس هم الذين انتخبوهم ليضعوا لهم القوانين و ينفذوها و لهذا يعبر عنها بحكومة الشعب على الشعب.
و لكن مع أدنى تأمل في أصل و جذور ذلك من زاوية الحقوق الأساسية نستنتج أن لكل واحد من الأفراد السلطة و الحق في تقرير مصيره الشخصي، لا تقرير مصير الآخرين؛ لأن لكل فرد الحق في أن يعين و يرسم مصيره، لا مصائر الآخرين و حيث إن كل فرد من أفراد الامة في المجتمع الذي يعيش فيه يرتبط مصيره بمصاير الآخرين، و تحقق المصالح العامة عند ما يعيش الناس بصورة جماعية، لذلك لا بد من أن تقرر الأمور حول المجموع، و مع ملاحظة المجموع، و رعايتهم لا كل فرد معزولا عن الفرد و الأفراد الآخرين، و الحل الوحيد لهذا هو أن يختار الناس عموما أو تختار الأكثرية: شخصا أو أشخاصا لكي يقرروا أمورا حول مجموع الشعب، يعني أن تبدأ السلطة من قاعدة المخروط و المجتمع و تتمركز في قمة المخروط، ثم تعود مجددا من رأس المخروط إلى القاعدة أي الناس مرة أخرى بصورة مشروعة سواء كانت مثل هذه السلطة و الحق للأفراد العاديين أو الالهيين، يعني سواء كانوا بذاتهم يملكون حق السلطة و الولاية، أو يملكونها بجعل و تشريع إلهي.
أما الديمقراطية المباشرة يعني حكومة الناس مباشرة فإن كانت بالنسبة إلى