و لكن في هذا الحديث أعطي للفقيه صفة المدافع، يعني أن الفقيه مدافع عن الإسلام؛ و مثل هذه الخصيصة لا تلازم حكومته و حاكميته؛ لأن المدافع يمكن أن يكون غير حاكم (بعبارة أخرى أن لا يكون حاكما)، مثل الجنود الذين يدافعون عن الحكومة الإسلامية و لكن لا يكونون مع ذلك حكاما عليها، كما قال أمير المؤمنين 7: «الجنود بإذن اللّه حصون الرعية (إلى أن قال:) و ليس تقوم الرعية إلّا بهم» [1].
فالجنود يدافعون عن الأمة، و لكن لا يحكمون عليها، و إنما تكون الحكومة لوليّ الأمر.
و على أية حال فإن هذا الحديث يدلّ على خصيصة دينية، و مقام رفيع للفقهاء، و أما ولايتهم فيجب استفادتها من أحاديث أخرى، أو دليل عقلي كما بيّنّاه.
كلام للفقيه الجليل المرحوم النراقي (قدّس سرّه):
و في ختام هذه الدراسة المفصلة للأحاديث نعمد إلى نقل كلام الفقيه الكبير العلامة الجليل أحمد بن محمد مهدي النراقي [2] الذي يقول بالولاية المطلقة للفقيه:
يقول المرحوم النراقي في عوائده «المقام الثاني في بيان وظيفة العلماء
[1] نهج البلاغة الرسالة 53 عهد الإمام لمالك الأشتر.
[2] أحمد بن محمد مهدي النراقي المتوفى سنة 1245 من علماء الشيعة المعروفين، و مؤلف مستند الشيعة و هو من الكتب الفقهية المعتبرة، إن الدراسة الأكثر لكلام هذا العالم الجليل متروكة لمبحث «ولاية الزعامة» و نكتفي هنا بمجرد نقل كلامه ;.