يمكن أن يكون المراد من الأمانة المسلّمة إلى الفقهاء هو أحد أمور:
1- الولاية على الامة.
2- الأمة و الامور المرتبطة بها.
أما المعنى الأول فهو عبارة عن أن مقام الولاية على الامة الخاصة بأنبياء اللّه و رسله قد سلّم من جانبهم إلى الفقهاء بشكل الأمانة،
و على نحو الوديعة ليكونوا المسؤولين عن تنفيذها، على غرار الأنبياء أنفسهم، حيث إن هذا الحديث خال عن أي قيد أو شرط لذلك يشمل جميع أقسام الولاية سواء ولاية الزعامة، و التصرف، و الفتوى و القضاء، و غيره.
إشكال: مفهوم الأمانة و ولاية التصرف:
لقد حاول المستدل بهذا الاستدلال- كما نلاحظ- أن يثبت الولاية المطلقة للفقهاء عن طريق الاستدلال بهذا الحديث و من ضمن تلك الولاية المطلقة ولاية التصرف في الأموال و النفوس.
و لكن مع كل هذا يمكن أن يبدو للناظر إشكال يجعل دلالة الحديث على ولاية التصرف موضع شك و هو عبارة عن عدم مناسبة مفهوم الأمانة مع ولاية التصرف؛ لأن حفظ الأمانة يناسب ولاية الحفظ لا ولاية التصرف، يعني أن لفظة الأمانة و الأمين و سائر مشتقاتها تستعمل في ما إذا أودع عند شخص أمانة ليحفظها، لا أن يتصرف فيها إلّا بمقدار يكون مقدمة لحفظ الأمانة، و لهذا تكررت الوصية- في القرآن الكريم- بأداء الأمانة [1] و منع من التصرف فيها.