و هذا دليل على نوع من الارتكاز لدى المتشرعين بثبوت ولاية التصرف للفقيه، بمعنى التصرف في الأمور الاجتماعية و السياسية الذي يثبت للفقيه الجامع للشرائط عن طريق ولاية الحسبة (أي حق اتخاذ القرار في الأعمال الضرورية الاجتماعية) على الأقل، و ليس عن طريق الأحاديث.
مقالة المحقق النائيني (قدّس سرّه) حول ضرورة حفظ النظام:
و لهذا كتب المحقق الجليل المرحوم آية اللّه النائيني (قدّس سرّه) [1] عن قطعية وجود ولاية حفظ النظام العام، و إدارة الدولة الإسلامية للفقيه و أنه من أوضح الأمور الحسبيّة يقول:
«من مسلّمات مذهبنا نحن الإمامية أن الولايات النوعية التي يعلم عدم رضى الشارع المقدس بإهمالها حتى في هذا الصعيد في عصر الغيبة- على مغيّبه السلام- تسمى: الحسبية، و نيابة فقهاء عصر الغيبة فيها هو القدر المتيقن و الثابت عندنا حتى مع عدم ثبوت النيابة العامة في جميع المناصب، و حيث إن عدم رضاء الشارع المقدس باختلال النظام، و ذهاب بيضة الإسلام بل أهمية الوظائف الراجعة إلى حفظ نظام البلاد الإسلامية من تمام الأمور الحسبية من أوضح القطعيات لذلك يكون ثبوت نيابة الفقهاء، و النواب العامّين في عصر الغيبة في إقامة الوظائف المذكورة من ضروريات المذهب، و قطعياته».
فمن كلام هذا المحقق الجليل يستفاد أن وظيفة حفظ النظام- التي هي في الحقيقة ولاية الزعامة و القيادة- من وظائف الفقهاء- القطعية المسلّمة في زمان غيبة الإمام 7، و إن كان ذلك من طريق الأمور الحسبية، لا الولاية العامة، و على هذا يكون شمول التوقيع الشريف لذلك أكثر وضوحا [2].