أدلة النصب و الجعل هو ولاية القضاء فقط، و لا تشمل سائر الولايات، و إن جرت سيرة الخلفاء على إعطاء جميع الولايات المذكورة إلى قضاتهم، و بهذا الطريق يخدش في عموم التنزيل، هذا علاوة على أن التفكيك بين «القاضي» و «الوالي» كان أيضا مما جرت عليه السيرة المستمرة، و كان الوالي- في المدن غالبا- غير القاضي، و كان كل واحد منهما يتحمل ما يرتبط به من الأمور فلما ذا إذن يجب أن يقوم القاضي بمسؤوليات و أعمال الوالي؟
و أما مسألة حاجة الشيعة إلى وجود ولاية في الأمور غير القضائية مثل الولاية على الحكم في الموضوعات، و نصب القيم و المتولي، و التصرف في أموال القاصرين و أمثال ذلك، و إن كان حقا و أمرا صحيحا في ذاته، و حقيقة لا يمكن الاجتناب عنها، إلّا أنه من الممكن أن ترفع تلك الاحتياجات عن طريق ولاية الحسبة التي مفادها- في الحقيقة- هو «الجواز الحكمي»، لا «الولاية الإعطائية» يعني أنه يجوز للفقيه من باب الحسبة (الضرورة الدينية) أن يتدخل في الأمور المذكورة و يتصرف فيها إما مباشرة أو عن طريق وكلائه لترتفع بذلك احتياجات الشيعة كذلك.
و من البديهي أن ولاية الحسبة التي سنوضحها في ما بعد محدودة بالضرورة، و هي من باب الجواز الحكمي، لا أنها مقام يخضع للجعل و النصب و إن عبّر عنها بالولاية، و لهذا لا تكون «ولاية الحكم في الموضوعات» قابلة للإثبات عن طريق ولاية الحسبة لعدم وجود ضرورة في ذلك، إذ بإمكان المسلمين أن يرجعوا إلى قواعد أخرى.
الجواب:
إنّ الحديث حول توضيح هذا الإشكال و إن طال بعض الشيء و لكنه لا يخلو من الدقة و بعض النقاط.