الإشكال الثاني [1] في الإطلاق المذكور عبارة عن أنّ الاستناد إلى إطلاق الدليل يتوقف على إحراز موضوعه، و إذا لم يحرز الموضوع لم يجز التمسك بالإطلاق.
و في مورد الحديث فإن موضوع الحجيّة عبارة عن الحكم الذي هو وظيفة المجتهد، و نحن لم نحرز أن موضوع الحكم في الموضوعات غير القضائية أنها من وظائف المجتهد (الفقيه) أو لا؟ و مع ذلك كيف يمكن الاستدلال بالإطلاق نفسه، بل الحكم يثبت للموضوع المفروض الوجود.
فمثلا: جواز الاقتداء بشخص عادل لا يثبت أنّ هذا الشخص عادل، بل يجب أوّلا تحصيل و إحراز عدالته ثم نقول: يجوز الاقتداء بهذا الرجل.
و في المقام يجب أوّلا إثبات أن الحكم الصادر في الموضوعات غير القضائية (أي في غير المخاصمات) من وظائف الفقيه ثم نقول: الحديث المذكور يشمل هذا الحكم؛ لأنّ موضوع الحديث عبارة عن الحكم الذي يكون صدوره من وظائف الفقيه لا مطلق الحكم؛ لأنه قد عبّر في الحديث بجملة: «حكمنا» فلا بدّ من إحراز أن الحكم الصادر في الموضوعات حكم الإمام 7.
الجواب:
إنّ الحديث المذكور نفسه يعيّن وظيفة المجتهد الفقيه لا أنه يعطي الاعتبار للوظيفة الثابتة له سلفا.
و توضيح ذلك أنّ الإمام 7 و إن عبّر- في الحديث المذكور- ب «حكمنا» و يمكن أن يسبق إلى الذهن أنّ صدق «حكمنا» على الأحكام غير القضائية موضع شك؛ لأنه ليس من المعلوم أن يكون قد أذن للفقيه من قبل الإمام 7 بإصدار مثل هذا الحكم.