و توضيح ذلك أنّ فتوى الفقيه نافذة في حق نفسه، و مقلّديه خاصة، و لكن حكم الحاكم نافذ في حق العموم حتى الفقهاء الآخرين و إن كانوا أعلم من الحاكم إلّا إذا لم يكن الحاكم جامعا للشرائط اللازمة، أو كان خطؤه قطعيا.
و الدليل على المحدودية في الفتوى عبارة عن: تقيّد دليل نفوذ الفتوى بمن يرجعون إلى الفقيه و يقلّدونه، يعني أن الأفراد هم الذين يجب أن يختاروا فقيها للرجوع إليه في الأحكام: فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لٰا تَعْلَمُونَ*[1].
و قد جاء في التوقيع الشريف:
«و أمّا الحوادث الواقعة فارجعوا فيها إلى رواة حديثنا» [2].
و قد أخذ في هذا التوقيع المبارك عنوان المرجعية، و المرجعية تقوم برجوع الآخرين [3].
و أمّا نفوذ الحكم بصورة مطلقة فهو- علاوة على فلسفة حفظ النظام و رفع التنازع و التخاصم- يستند الى إطلاق أدلة حرمة الردّ على حكم حاكم الشرع التي تشمل جميع الأفراد حتى الفقهاء الآخرين، و ذلك مثل مقبولة عمر بن حنظلة التي قال فيها الإمام 7:
«فإذا حكم بحكمنا فلم يقبل منه فإنّما استخفّ بحكم اللّه، و علينا ردّ، و الرادّ علينا الرادّ على اللّه، و هو على حدّ الشرك باللّه» [4].