و الحكم- في كتب اللغة- يرادف تفسيره تفسير القضاء؛ لأن أكثر أهل اللغة فسروا: «القضاء» ب «الحكم» و «الحكم» بالقضاء و مفهوم هذين- المترادفين- أو مترادفان من حيث اللغة تقريبا، و المعنى الجامع لهما هو في النتيجة: «مطلق الفصل، و انهاء الشيء».
و لكن مفهوم الحكم- بحسب الاصطلاح الفقهي أعمّ من «القضاء» لأنّ «حكم الحاكم» يصدق في الموضوعات غير القضائية مثل «الحكم بالهلال» أيضا و لكن لا يصدق مفهوم القضاء؛ لأن هذا الأخير يختص بالموضوعات النزاعية، لا مطلق الموضوعات، و إن أمكن تصوّر نوع من الاختلاف و الخصومة الافتراضية- بلحاظ النفي و الإثبات في مسألة الهلال و أمثاله، و اعتبار «حكم الحاكم» نوعا من فصل الخصومة، و لكن مع ذلك لا يرتبط الحكم المذكور- لا من حيث الاصطلاح و لا من حيث اعتباره و نفوذه نفسه- أبدا بإقامة الدعوى و فعلية الخصومة و التنازع بين الأفراد، على خلاف القضاء الذي هو مشروط بإقامة الدعوى و مأخوذ في مفهومه و معناه ذلك.
و خلاصة القول أن القضاء- حسب الاصطلاح- مخصوص بموارد النزاع، و وجود المدعي و المنكر، و أما حكم الحاكم فهو أعم من الموضوعات النزاعية و غيرها.
و أما الكلام حول هذا الموضوع و هو: هل أثر حكم الحاكم و حجيته مطلق [1] أو نسبيّ فهو ما سنبحثه في المستقبل، فسنقول هناك: إن حكمه- من هذه الجهة- حكم القضاء.
[1] ذهب بعض الفقهاء الى عدم حجية حكم الحاكم في غير الموضوعات القضائية رأسا.