responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الحاكمية في الإسلام المؤلف : الخلخالي، السيد محمد مهدي    الجزء : 1  صفحة : 444

بل ذهب البعض [1] إلى أن رضا الطرفين لا بدّ منه حتى بعد صدور الحكم، و بهذه الصورة لا يكون لقضاء و حكم «قاضي التحكيم» صبغة رسميّة و اعتبار شرعي، و العمل به يرتبط ارتباطا كاملا برضا المتخاصمين.

قاضي الأمر بالمعروف (القاضي العام):

قاضي الأمر بالمعروف أو القاضي العام هو من يعالج اختلافات الناس و دعاويهم من باب المسؤولية العامة عن الأمر بالمعروف، و من هذا الطريق يبعث الناس على التسليم للحق و تطبيق العدالة.

و لكنّ هذا النوع من القضاء الذي يتمّ على أساس وظيفة عامة- إذا لم يكن القاضي فيه متصفا بالفقاهة- لم يكن له سمة رسمية شرعية أيضا، و لا يترتب أحكام القضاء الشرعي عليه، لأنّ الأمر بالمعروف ليس إلّا وظيفة شرعية لا توجب ثبوت سلطة قضائية بمعناها و مفهومها الخاص، و خاصيّتها خاصيّة تطبيقية فقط لا قضائية، بمعنى أنّ للقاضي العموميّ- إذا ثبت الحق عن طريق القرائن القطعية، أو بشهادة الأشخاص أو بشهادة عدلين [2] تفيد شهادتهم اليقين- أن يلزم المحكوم عليه بإجراء الحق.

و أما ترتيب أحكام القضاء أو إجراء الحدود، فليس من شأن مثل هؤلاء القضاة [3]، لأنّ السلطة القضائية التي تستتبع أحكاما و لوازم خاصة مضافا إلى‌


[1] مثل المرحوم العلّامة في التحرير حيث قال: «و لو تراضى خصمان بواحد من الرعية، و ترافعا إليه لم يلزمهما الحكم ...»- نقلا عن الجواهر 40: 23-.

[2] حجية البينة اعتبرها بعض العلماء خاصة بحضور القاضي المنصوب و بناء على هذا لا يكون لشهادة البينة أثر عند غيره، إلّا إذا أوجب اليقين لآخر (العروة الوثقى 3: 13).

[3] قال في الجواهر (40: 26) في المطلب المذكور: «أدلة الأمر بالمعروف لا تقتضي الحكومة» أي لا تعطي حق القضاء لأحد و المراد أن أحكام القضاء و إجراء الحدود غير مشروع لقاضي-

- الأمر بالمعروف نعم للقاضي المذكور أعمال مراتب الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر، لا عقوبة له على المعصية السابقة، بل صدا له عما يأتي لو علم من حاله الإصرار، و هي:

1- الانكار بالقلب، بمعنى إظهار كراهة المنكر، أو ترك المعروف، أما باظهار الانزعاج من الفاعل، أو الاعراض و الصد عنه، أو ترك الكلام معه، أو نحو ذلك من فعل أو ترك يدل على كراهة ما وقع منه.

2- الإنكار باللسان و القول، بأن يعظه، و ينصحه، و يذكر له ما أعد اللّه- سبحانه- للعاصين من العقاب الأليم و العذاب في الجحيم، أو يذكر له ما أعد اللّه تعالى للمطيعين من الثواب الجسيم و الفوز في جناب النعيم.

3- الانكار باليد بالضرب المؤلم الرادع عن المعصية، و لكل واحدة من هذه المراتب أخف و أشد، و المشهور الترتب بين هذه المراتب، فإن كان اظهار الانكار القلبي كافيا في الزجر اقتصر عليه، و إلّا أنكر باللسان، فإن لم يكف عن ذلك أنكره باليد.

و الظاهر أن القسمين الأولين في مرتبة واحدة، فيختار الآمر أو الناهي ما يحتمل التأثير منهما، و قد يلزمه الجمع بينهما، و أما القسم الثالث، فهو مترتب على عدم تأثير الأولين، و الأحوط في هذا القسم الترتيب بين مراتبه فلا ينتقل إلى الأشد، إلّا إذا لم يكف الأخف».

هكذا أفاد سيدنا الأستاد آية اللّه العظمى الخوئي في كتاب المنهاج 1: 337، كتاب الأمر بالمعروف.

و قال أيضا (في المسألة 1273): «إذا لم يكف المراتب المذكورة في ردع الفاعل ففى جواز الانتقال إلى الجرح و القتل و جهان، بل قولان أقواهما العدم، و كذا إذا توقف على كسر عضو من يد أو رجل أو غيرهما، أو عيب عضو كشلل أو اعوجاج أو نحوهما، فإن الأقوى عدم جواز ذلك، و إذا أدى الضرب إلى ذلك- خطأ أو عمدا- فالأقوى ضمان الآمر و الناهي لذلك، فتجري عليه أحكام الجناية العمدية، إن كان عمدا، و الخطئيّة إن كان خطأ.

نعم يجوز للإمام و نائبه ذلك إذا كان يترتب على معصية الفاعل مفسدة أهم من جرحه أو قتله، و حينئذ لا ضمان عليه».

ثم لا يخفى أنه قد أشرنا إلى أن أعمال هذه المراتب ليست على نحو العقوبة على ما صدر منه من المنكر أو ترك الواجب، بل هي على سبيل الردع عن فعل ذلك فيما بعد، و هذا فيما علم من حاله الاصرار على المعصية فيما يأتي.-

اسم الکتاب : الحاكمية في الإسلام المؤلف : الخلخالي، السيد محمد مهدي    الجزء : 1  صفحة : 444
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست