و الفرق بين الإجازة و الوكالة هو أن للشخص المجاز استقلالا قضائيا، و لكن الوكيل يقضي من جانب الموكل، و يكون عمل الوكيل بمنزلة عمل الموكل على كل حال.
و الجواب عن هذا السؤال بالنفي أيضا، لأن القضاء ليس قابلا للتوكيل، و لو شككنا في ذلك، فإن مقتضى أصل العدم هو البناء على عدم نفوذ قضاء الوكيل، فالنتيجة هي أنه يجب أن يمارس المجتهد بنفسه القضاء، و لا يحق له توكيل أحد لذلك، لأن وجود السلطة القضائية للوكيل منتف أو مشكوك فيه في الأقل.
نعم يجوز للقاضي أن يحيل بعض مقدمات القضاء إلى الغير- كالاستماع إلى الشهود شريطة ثبوت عدالة ذلك الشهود عند القاضي، أو تحليف المتنازعين- فيستطيع ممارسة ذلك بالوكالة عن الفقيه القاضي.
و أما أصل صدور الحكم و عمل القضاء فهو مخصوص بالمجتهد، و لا يكون قابلا للتوكيل [1].
[1] قضاء الآشتياني: 13- 16، و العروة الوثقى 3: 11 و 12.
هذه المسألة بحثت في علم الأصول على النحو الآتي: إذا وجب عمل شرعا، فهل يمكن للمكلّف توكيل الغير للإتيان به أو لا؟
و إنما يطرح هذا السؤال، لأن بعض الأعمال غير قابلة للنيابة شرعا كالصلوات اليومية، و مضاجعة الزوجة، و الحلف في المرافعات و أمثالها، في حين أن بعض الأعمال تقبل الاستنابة مثل المعاملات و التجارات و أمثالها، و بعضها مشكوك فيه مثل القضاء.
فما هو مقتضى الأصل في مثل هذه الموارد التي لا دليل فيها يحدّد نوع العمل و الموقف، بل هي مورد الشك؟
هنا يجب أن يقال: إنّ مقتضى حكم العقل هو أنّ على الشخص نفسه أن يقوم بالعمل، و لا يحيله إلى الغير، لأنه في الصورة الثانية لا يعلم هل خرج من عهدة التكليف و أدى الوظيفة المستقرة-