(و من ثمّ فإن الترجيح إنما هو للقاضي الذي يستند إلى الحديث الأول).
السؤال 6: عمر بن حنظلة: جعلت فداك أ رأيت إن كان الفقيهان عرفا حكمه من الكتاب و السنة، و وجدنا أحد الخبرين موافقا للعامة و الآخر مخالفا لهم بأي الخبرين يؤخذ؟
الإمام 7: ما خالف العامّة ففيه الرشاد. (فهو المرجح إذن) [1].
و هنا ينبغي أن لا نغفل عن نقطة طرحت ضمن السؤال الحاضر و هي أن عمر بن حنظلة قال في ضمن السؤال: «جعلت فداك أ رأيت إن كان الفقيهان عرفا ...»
فهو افترض القاضيين فقيهين، و هو يسأل عن العلاج و الحل في ما إذا اختلفت أنظارهما، فأخذ أصل الفقاهة أمرا مسلّما في القاضي الذي طرح السؤال عنه.
السؤال 7: عمر بن حنظلة: جعلت فداك فإن وافقهما الخبران جميعا.
- أي: وافق الخبران العامة-.
[1] هنا لا بدّ أن نلفت نظر القارئ إلى نكتة و هي: ان العلة في قول الإمام: ان الرشد و التقدم في مخالفة العامة هي ان الحكومة الإسلامية قد انحرفت عن طريقها الصحيح على أيدي الخلفاء المستبدين الطغاة، فلم يكن العدل ليجرى و يطبق أبدا، و لهذا كان من أفضع جرائم تلك العهود، و من أسوأ خياناتهم خنقهم لحريات الشيعة و التضييق عليهم و على أئمتهم، فلم يكن لهؤلاء أية حرية في مجال العمل و الفكر و التعبير، و كان وضع الحديث عنهم و نسبة الأكاذيب و المفتريات إلى رسول اللّه 6 و إليهم كثيرا، و رائجا أيضا، من هنا نشأ اختلاف عجيب في الأخبار و الأحاديث، و كثرة الروايات المجعولة، و لهذا قال الإمام: إن الرشاد في مخالفتهم كمعالجة لهذه المشكلة، لأن الحكومة كانت في تلك العهود قائمة على أساس الظلم و الاستبداد الفردي و لم تكن بحكومة العدل الإسلامية، و من هنا كانت الأحاديث التي تخالفها أقرب إلى الحقيقة و الواقع من الحديث الذي كان موافقا لها، لأن احتمال الحقيقة في الحديث الموافق لها كان ضعيفا جدا.