و المقدمات الأخرى التي هي عبارة عن المعرفة باللغة و الأدب العربي (الذي يشمل النحو و الصرف) و الفصاحة و البلاغة و المنطق و أصول الفقه هي الأخرى ضرورية، ليمكن الوثوق بأن الشخص قد فهم الحديث الفقهي فهما كاملا دقيقا.
و الصدور الحديث أحيانا عن الإمام في أحوال التقية فلا بدّ من مراعاة هذا الجانب أيضا، و التفكر في حلّه، و هو أمر له أسلوبه الخاص في العملية الفقهية.
إن الإحاطة بهذه المقدمات الطولية و العرضية التي يتوقف عليها فهم الحديث، و انتهاجها هو الذي يشكل معنى الاجتهاد و الفقاهة و يعطيه، على أنه قد كان لطول التاريخ و تقادم العهد و الابتعاد عن عصر الأئمة :، و اتساع العلوم المقدمية، و خصوصا علم أصول الفقه، و الحوادث المتلاحقة و ما تطلبت من معرفة بالزمان و الأحوال أثر عميق جدا في تحقيق «الفقاهة»، الأمر الذي جعل التفقه و الاجتهاد الشرعي و الاستنباط الفقهي اليوم أصعب، و أبعد منالا من زمن صدور الحديث، و لكن لأنّ العنوان الكلي المتمثل في رواة الأحاديث هو الذي جعل موضوعا في كلام الإمام 7 و توقيعه المبارك لذلك لا بدّ أن يحتفظ به في جميع الأعصار و الأدوار و يصدق في كل عصر من باب مقولة التشكيك الذي يتحقق في فرد ضعيف تارة، و شديد تارة أخرى، قوي حينا، و أقوى حينا آخر، و لكنه على كل حال لا يخلو من مفهوم «الاجتهاد» و الفقاهة و إن كان تحصيل مقدمات الاجتهاد يتفاوت صعوبة و سهولة حسب مقدماته من حيث الزمان و المكان و الحجم و اتساع العلوم المقدمية و عدم اتساعها، و هي أمور يدركها أهل العلم أكثر من غيرهم.
و نتيجة الكلام أن المقصود من رواة الأحاديث في كلام الإمام 7 هم الفقهاء و المجتهدون و قد نصب مثل هؤلاء قضاة من جانب الإمام 7 على مرّ الزمان.