كذلك يتمتع هذا المنصب في الإسلام بمكانة جليلة و أهمية كبيرة [1]، و هو الحق، لأن القاضي و هو الذي يحكم بالقتل، أو عقوبة (حدّ) العصاة أو يصدر حكما بأخذ الأموال، أو يحكم بالزوجية أو بنفيها، أو غيرها من الأمور المهمة، و مثل هذا المنصب لا يمكن أن يمنح لكل من كان، من دون حساب أو شرائط، و اعتباطا.
و عند ما ننظر إلى مثل هذه الموضوعات الاجتماعية من منظار الإسلام نجد الإسلام يهتمّ دائما اهتماما كبيرا بأصلين مهمّين، و يرى وجوب و لزوم مراعاتهما و اجرائهما في جميع المسائل و القضايا الإسلامية، و ذلكما الأصلان هما:
1- الواقعية و الحق.
2- العدالة و الاستقامة.
فإن على القاضي في الدرجة الأولى أن يكون ذا بصيرة و معرفة كافية بالقوانين القضائية، و ذا قدرة على تطبيقها على الموضوعات، ليتمكن من الوصول إلى الواقع قدر المستطاع. و من البديهي أن هذه الامتيازات و المواصفات متوفرة على الفقيه الذي يعتمد على المصادر الإسلامية الأولى و الأصلية و يرتبط بها، أكثر من غيره. ثم إنه إلى جانب معلوماته الاجتهادية يجب أن يتمتع بصفة العدالة العاصمة له من الانحراف ليحظى بجمع هذه الشرائط و (بالأحرى: لكي يتأهل) لحيازة مقام ولاية القضاء.
و لو فقد القاضي إحدى هاتين الصفتين (الاجتهاد، العدالة) كان ثبوت السلطة القضائية له قطعيّ العدم، أو مشكوكا فيه في الأقل.
[1] قال الإمام الصادق 7: «لما ولّى أمير المؤمنين شريحا القضاء اشترط عليه أن لا ينفّذ القضاء حتى يعرضه عليه»- الوسائل 27: 16، الباب 3 من أبواب صفات القاضي، الحديث الأول- ط م: قم.