فإنه يستفاد من هذا الحديث جيدا أن عنوان القضاء و مقامه بحاجة إلى النصب و التعيين و الجعل من جانب الإمام، و لو كان نصبا و تعيينا كليا و في صورة الإذن العام.
و لأجل هذا اتفق عامة علماء الإسلام على لغوية و عدم نفوذ قضاء من لا يكون معيّنا و مأذونا من جانب الحكومة الإسلامية كما أشرنا إلى ذلك فيما سبق [1].
و الآن يجب أن نري كيف تحققت هذه الأطروحة (أي نصب القاضي من قبل الحكومة الإسلامية)، و من هو القاضي المنصوب في هذا الزمان؟
على أنه ليس لنا هنا كلام حول ما كان عليه الحال في زمن رسول اللّه 6 و الخلفاء حتى أمير المؤمنين 7 لأنه من المسلّم أن القضاة- في صدر الإسلام- كانوا ينصبون و يعيّنون من جانب رئيس الحكومة (و هو النبي أو الخليفة) أو من جانب (الولاة المنصوبين) في المدن، و هو في المآل يرجع إلى الحكومة المركزية، و هذا الموضوع الواضح مما يكشفه لنا التاريخ الإسلامي دون إبهام.
و من جملة الشواهد على هذا الأمر العهد المعروف الذي كتبه أمير المؤمنين 7 لمالك الأشتر عند ما نصبه للولاية على مصر و قال فيه: