الإذن العام و الإذن الخاص، لأن منصب القضاء من المناصب الاجتماعية التي لها أثر كبير في حفظ النظام، و استتبات الأمن في البلاد، و مثل هذا المنصب يجب حتما أن يفوّض من جانب الحكومة الإسلامية إلى رجال معيّنين، و لا يجوز لكل من كان أن يتصدى لأمر القضاء من عند نفسه، إذ لو لا ذلك لساد الهرج و المرج و الفوضى و انعدام الأمن في البلاد.
و لا فرق في هذا الجانب بين الحكومة الإسلامية و سائر الحكومات، يعنى ان جميع الحكومات تشترط تعيين القاضي، و تعتبر هذا المنصب من قبيل سائر المسؤوليات الحكوميّة، كالوزارات و غيرها من المناصب الحكومية، العسكرية و المدنية التي يحتاج جميعها إلى نصب، و تعيين، و لا يمكن لكل من أراد أن يمارسها من دون نصب و تعيين.
و استدل للزوم نصب القاضي- مضافا إلى ما سبق- بالقرآن الكريم و الحديث الشريف أيضا.
القرآن الكريم:
فقد جاء في الكتاب العزيز في هذه المسألة قول اللّه- تعالى-: «يٰا دٰاوُدُ إِنّٰا جَعَلْنٰاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النّٰاسِ بِالْحَقِّ»[1].
فإنه يستفاد من هذه الآية بجلاء أن القضاء من شئون خليفة اللّه، يعني:
أن الذي يتمتع بمقام القيادة و الحكومة الالهية هو الذي يجوز له أن يقضي،
- كما أشار في العروة الوثقى (3: 5 و 6) إلى هذا المطلب أيضا و قال ابن رشد (في كتاب بداية المجتهد 2: 500) و هو من علماء أهل السنة المعروفين في هذا الصدد:
«و لا خلاف في جواز حكم الإمام الأعظم، و توليته للقاضي شرط في صحة قضائه لا خلاف أعرف فيه».