يكتب لكم رسول اللّه 6 كتابا لن تضلّوا بعده، و منهم من يقول ما قال عمر، فلما أكثروا اللغو و الاختلاف عند رسول اللّه 6، قال رسول اللّه 6: قوموا قال عبيد اللّه فكان ابن عباس يقول: إن الرزية كل الرزيّة ما حال بين رسول اللّه 6 و بين أن يكتب لهم ذلك الكتاب من اختلافهم و لغطهم [1].
و القصّة رواها البخاري في عدّة مواضع، منها: باب كتابة العلم من كتاب العلم من الجزء 1، و فيها تصريح بأن القائل كان هو عمر و منها باب مرض النبيّ 6 من الجزء 5، و فيها: فقالوا ما شأنه أهجر؟ استفهموه.
أقول: هذه الروايات واضحة الدلالة على وقوع الضلالة بعد رسول اللّه 6، و أن المانع عن الضلالة إنما كان منحصرا بكتابته 6، فلنعم ما قاله ابن عباس إن الرزية كل الرزية ... الخ [2].
و على كل كان الجميع يعلم أن أمر المسلمين سينفرط عقده، و أن نظامهم سينهار إذا لم يكن ثمّت خليفة، و رئيس للأمة.
إن المسلمين عامة متفقون على أن النبي 6 كان يتمتع بمنصب ولاية الزعامة من جانب اللّه- سبحانه- يعنى أن ذلك المنصب كان حقا قد منّ اللّه به على نبيّه الكريم، لا أنه فوّض إلى النبي من جانب الناس، و هي حقيقة اتفق عليها الشيعة و السنة، و لم يختلف فيه أحد من المسلمين و ليس موضع نقاش أو كلام.
إنما الكلام في مصير ولاية الزعامة و ولاية الأمر بعد رسول اللّه 6، لأنّ على الناس حفاظا على وحدة المجتمع و تماسكه و منعا من حدوث الفوضى، أن يطيلوا حاكما، و يخضعوا لقيادة رئيس لهم، فهل خطّط الإسلام لهذه المرحلة؟
و هل حدّد الموقف لها، أو سكت عن ذلك، و اختار الصمت؟!
[1] صحيح مسلم 5: 76، باب ترك الوصيّة لمن ليس له شيء يوصي فيه، من كتاب الوصيّة.