و من العجيب جدا أن الذين سبقوا الناس إلى مبايعة علي 7 يوم الغدير و أقروا له بالإمرة و الخلافة هم الذين نقضوها ببيعة السقيفة، و اجتهدوا- بحجج واهية و اعذار لا مبرر لها- على خلاف نص رسول اللّه 6، و أعلنوا عن مخالفتهم لعلي 7 و اجتهدوا في مقابل النص و كان هذا من أسوأ المآسي.
و رحم اللّه دعبلا الخزاعي [1] إذ سجّل للتاريخ تلك البيعة المغلّظة و هذا النقض الغادر ليحكم فيهما المنصفون، و أصحاب الضمائر الحرة اليقظة إذ يقول:
و هم عدلوها عن وصي محمد * * *فبيعتهم جاءت على الغدرات
لما ذا السقيفة؟!
مع أن رسول اللّه 6 كان قد نصب «عليا» 7 في يوم الغدير [2] و في مواضع
[1] دعبل الخزاعي من شعراء أهل البيت : ولد عام 148 من الهجرة و توفي عام 264 من الهجرة، و له ديوان مطبوع معروف.
و البيت المذكور من قصيدة رائعة معروفة له إليك بعض أبياتها:- البحار 49: 248
ستسأل تيم عنهم و عديّها * * *و بيعتهم من أفجر الفجرات
هم منعوا الآباء عن أخذ حقهم * * *و هم تركوا الأبناء رهن شتات
و هم عدلوها عن وصي محمد * * *فبيعتهم جاءت على الغدرات
وليّهم صنو النبيّ محمد * * *أبو الحسن الفرّاج
ملامك في أهل النبي فانهم * * *أحباي ما عاشوا و أهل ثقاتي
تخيرتهم رشدا لأمري فانهم * * *على كل حال خيرة الخيرات
[2] مسند الإمام أحمد 1: 331، و سنن ابن ماجه 1: 45، و صحيح الترمذي 5: 297، و خصائص الإمام علي للنسائي: 96 و 100 و 104، و مستدرك الحاكم 3: 132، و كنز العمال 15: 117، و تاريخ بغداد 14: 236، و تفسير الرازي 3: 63، و البداية و النهاية 5: 210، و غيرها راجع 1: 26 من كتاب الغدير للأميني (قدّس سرّه).