2- شكر النعمة واجب و كفرانها حرام عقلا، لأنّ وليّ النعمة بسبب إيصاله النعمة إلى المتنعم المستفيد منها يتعلق له حق على المتنعم الذي عليه هو الآخر أن يؤدي هذا الحق، و ما يقتضيه منه، و هو الشكر، لأن أداء الحق عدل، و تركه ظلم، و حسن العدل، و قبح الظلم من المستقلات العقليّة.
هذا، و نلاحظ في القرآن الكريم آيات كثيرة تصرح بلزوم شكر النعمة، حتى أن بعضها تذم- بلهجة عنيفة- أولئك الذين لا يشكرون النعم و لا يؤدون حقها و حق المنعم بها.
من ذلك قوله- تعالى-: إِنّٰا هَدَيْنٰاهُ السَّبِيلَ إِمّٰا شٰاكِراً وَ إِمّٰا كَفُوراً[1].
أي إننا أوضحنا للإنسان الحق و الباطل، و أرسلنا إليه الرسل لإتمام الحجة، فللإنسان- بعد هذا كله- أن يختار، فيشكر هذه النعمة أو يكفر بها.
3- شكر كل نعمة يتحقق بأن تصرف في الهدف و الغاية التي خلقت من أجلها، و أفضل من ذلك هو أن نجعل النعمة تحت تصرف صاحبها الحقيقي ليرى فيها رأيه، و يتصرف فيها بما يريد.
بعد ملاحظة هذه المقدمات نصل إلى هذه النتيجة و هي أن شكر النعم الالهية إنما يكون بأن يفوّض المرء أمر نفسه و ماله إلى الإرادة و المشيئة الالهية و من هم أولياء نعمه بأن:
يحترم أولا أوامرهم و يرى وجوب تنفيذها و هو ما أشار إليه القرآن الكريم أيضا إذ قال: أَطِيعُوا اللّٰهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ وَ أُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ[2].