و لقد رجح البعض [1] الاحتمال الأول بحجة أن النبي الأكرم 6 قال: «أنا أولى بكل مؤمن من نفسه» [2]، و مثل هذا الحديث من شأنه تقوية الاحتمال الأول.
و لكن الذي يبدو للنظر هو أن الآية المبحوث عنها هنا قادرة على إثبات كلا النوعين من الولاية. بمعنى أنّ الآية الكريمة الحاضرة بإطلاقها و عمومها تشمل كلا النوعين من الولاية (أي الفردية، و الجماعية) بتقرير أنّ الحاكمية على الأشخاص و الأفراد- مثل بقية الحقوق- بيد الأفراد أنفسهم، يعنى أنّ لكل واحد من آحاد الأمة و أفراد الشعب السلطة على مصيره السياسيّ تماما مثل ما له من الولاية و السلطة على نفسه و ماله الشخصي. يعني أنه ليس لأحد على أحد حق الحاكمية و الزعامة، إلّا أن يختاره هو لنفسه حاكما و رئيسا لنفسه، و هذا هو معنى حاكمية الشعب على الشعب، أو ما يسمى بالحاكمية الشعبية، و هو حق ثابت و مشروع لكل فرد كبقية الحقوق المشروعة الثابتة له بلا نقاش.
و لهذا فإن أكثر الحكومات اتصافا بالحرية هي الحكومة الديمقراطية التي يختار فيها الناس بأنفسهم حاكم بلادهم، و هو أمر يرجع في حقيقته و مآله إلى حكومة الشعب على الشعب، و ذلك لأن السلطة انتقلت فيها إلى الحاكم و القائد من قبل الشعب.
و أما في منطق الإسلام، فإن حق الحاكمية- بدلالة العقل و النقل- حق محض للّه تعالى. ثم هي بعد ذلك لمن يحكم الناس عن طريق الحاكمية الالهية و في إطارها، و قد أعطى اللّه حق الحاكمية هذا الأنبياء و الأئمة المعصومين، لكونهم أطهر الناس و أحسنهم و أفضلهم و أعلمهم قاطبة.