و للخوض في هذا الموضوع يحق لنا أن نعرف أن الكتاب هو النص الإلهي، و أن الرسول 6 هو النص الآخر للوحي، و هو حامل الرسالة و مستودعه، و من بعده الأئمة الأطهار، علماء الأمة الذين ورثوا علم النبي و حكمته، و بذلك لم يحتاجوا معه الى الاجتهاد، و إلّا لأمكن نقضهم و الخروج عليهم، و لم يكن ردهم ردا على اللّه أو الاجتهاد في مقابل النص بل المساغ هو الاجتهاد في معرفة نصوصهم.
نسبة الاجتهاد إلى الرسول:
و تعني هذه النسبة: نسبة الخطأ إليه، لأن كل مجتهد يمكن أن يخطأ و يصيب، و عصمة النبي 6 تقتضي تنزيهه عن الاجتهاد. و قد استحدث هذا الادعاء على الرسول ذريعة إلى تصحيح اجتهاد من خالفه في السيرة و السنة، فقالوا باجتهاد الرسول 6 و اجتهاد من خالفه فيها بالتكافؤ. قال القوشجي: «فإن ذلك ليس مما يوجب قدحا فيه، فإن مخالفة المجتهد لغيره من المسائل الاجتهادية ليس ببدع» [1].
ثم إن الاجتهاد لو لم ينته إلى نص أو دليل فلا معنى للاجتهاد في الأدلة و النصوص إن كان كلها اجتهادا يمكن نقضه، حتى سنة الرسول 6. و هل يمكن أن يتحكم الاجتهاد في تغيير السنة النبوية أو نسخها، و هي وحي لا يأتي عليه الاجتهاد بحال من الأحوال؟!
و قد نصّ اللّه على النبي 6 فيما يتصل بالوحي بقوله: مٰا آتٰاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَ مٰا نَهٰاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا[2].
[1] شرح التجريد (للقوشجي) المقصد الخامس- في الإمامة.