و من الجمع بين هذين الأمرين رعاية الحق، و رعاية أكثرية الناس نتوصل إلى النتيجة التالية و هي لزوم تقديم مصالح العامة- عند التزاحم- على مصالح الخاصة و مصالح الأقلية لأهمية الأكثرية، لأن الذي يشكل كل مجتمع هو أغلبية الجماهير في ذلك المجتمع، و على الأقليات أن تتبع الأكثرية، و لا شك أن الأقلية ستستفيد أيضا في ضمن الأكثرية.
هذا هو الكلام على تقويم الأكثرية من وجهة نظر الإسلام، أو بعبارة أخرى تقويم الإسلام للأكثرية.
و بعد هذا نعود مرة اخرى إلى أصل البحث و هو الحديث عن الحكومات.
نواقص الحكومات البشرية و معايبها:
استنتجنا من دراسة الحكومات البشرية المذكورة أن جميع تلك الحكومات- مهما كان اسمها و عنوانها- تعانى من عيوب و نواقص، و إن كانت هذه العيوب و النواقص نسبية، من دون فرق بين ما كان منها في صورة الدكتاتورية، أو القانونية، و بين ما كان منها في صورة الحكومة الفردية أو العائلية أو الوطنية، أو الديمقراطية، لأن جميع هذه الحكومات تعاني من نواقص و نقاط ضعف قد أشرنا إليها في ما سبق إجمالا، بل حتى تلك الحكومات التي تتبدل من حكومة استبدادية إلى مشروطة (أي ملكية دستورية) أو جمهورية من دون الإسلام، فجميع هذه الأصناف من الحكومات لا تداوي داء، و لا تشفى غليلا؛ لأن كل حكومة خالية و مجرّدة عن حاكمية اللّه لا تخلو من عيب و لا تسلم من نقص.