ثابتا في كلّ وقت لزم التكليف بالعلم الكسبي مع عدم طريق مفيد له، و ذلك تكليف ما لا يطاق.
لا يقال: النهي عن الشيء لا نسلّم أنّه يستلزم الأمر بضدّه، فلا يلزم من عدم التفرّق وجوب الاجتماع. و لأنّ النهي عن التفرّق ليس بعامّ، بل في الأصول و في [الجهاد] [1] ، و ما المطلوب فيه الاجتماع خاصّة.
لأنّا نجيب:
عن الأوّل بأنّ الناس اختلفوا في متعلّق النهي؛ فقال أبو هاشم [2] و أتباعه: إنّه عدم الفعل [3] . و قالت الأشاعرة: إنّه فعل ضدّ المنهي عنه [4] .
فعلى الثاني لا يتأتّى هذا المنع. و أمّا على الأوّل؛ فلأنّ المطلوب هنا من عدم التفرّق اجتماع المسلمين و اتّفاق كلّهم؛ ليحصل فوائد الاجتماع، ففعل هذا مقصود، و أبو هاشم[لا يمنع مثل] [5] ذلك.
و عن الثاني بأنّه نكرة في معرض النفي فيعمّ [6] ، و لأنّ المراد عدم إدخال الماهية في الوجود، فلو أدخلت في وقت ما لم يحصل الامتثال.
[2] هو عبد السلام بن محمّد بن عبد الوهّاب الجبّائي، ولد سنة (247 هـ) ، و هو شيخ المعتزلة و من علماء الكلام، له آراء انفرد بها. و تبعته فرقة سمّيت (البهشمية) نسبة الى كنيته (أبي هاشم) . توفّي سنة (321 هـ) ، له مصنّفات كثيرة. تاريخ بغداد 11: 55-56. وفيات الأعيان 3: 183-184. ميزان الاعتدال 2: 618. الأعلام 4: 7.