و إنّما يحصل الأوّل بالزهد الحقيقي المقرّب إلى الطاعة و المبعّد عن المعصية، و ذلك لا يتمّ إلاّ بالمعصوم كما تقدّم [1] .
و إنّما يحصل الثاني بثلاثة أشياء:
الأوّل: بالعبادة المشفوعة بالذكر و الفكر في اللّه تعالى؛ لأنّ العبادة[تجعل] [2]
البدن بكلّيّته متابعا للنفس، فإذا كان مع ذلك النفس متوجّهة [3] إلى جناب الحقّ بالفكر، صار الإنسان بكلّيته مقبلا على الحقّ، و إلاّ فصارت العبادة سببا للشقاوة كما قال اللّه تعالى: فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ*`اَلَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاََتِهِمْ سََاهُونَ[4] . و بالعبادة تنجرّ النفس من جناب الغرور إلى جناب الحقّ.
الثاني: بالوعد و الوعيد و بالزجر و المؤاخذة على فعل المعاصي، و المدح على فعل الطاعات و التقرير.
و ذلك لا يحصل إلاّ بالمعصوم، فإنّ غيره لا تسكن النفس إليه و لا يحصل الاعتماد عليه، فلا يحصل الغرض منه. بل معاصيه و خطؤه منفّر عظيم عن قبول قوله، فيحصل ضدّ الغرض.
الثالث: الكلام المفيد للتصديق بما ينبغي أن يفعل و عمّا ذا ينزّه، من شخص تسكن النفس إليه يجعلها غالبة على القوى، و لا يحصل سكون النفس و اعتمادها و تصديقها اليقيني الذي يجعلها غالبة على القوى إلاّ إذا كان زكيّا يعلم منه[الصدق
[1] تقدّم في البحث الرابع من المقدمة، و في الدليلين السابع و الثلاثين و الثامن و الثلاثين من المائة الأولى.