لا يقال: المعصوم لا يخلو إمّا أن يقدر على المعصية، أو لا يقدر.
فإن قدر فلا يخلو إمّا أن يمكن[وقوعها منه، أو لا يمكن] [1] .
فإن أمكن فهو كسائر المكلّفين في الحقيقة من غير امتياز.
و إن لم يمكن فقدرته على ما[لا] [2] يمكن وقوعه لا يكون قدرة.
و إن لم يقدر فهو مجبور، و ليس ذلك بشرف له.
و أيضا: إذا جاز أن يمتنع وقوع المعصية من شخص من المكلّفين بفعل اللّه تعالى و لا يضرّ ذلك قدرته و تمكّنه من الطرفين، فالواجب أن يجعل جميع المكلّفين كذلك إذا كان الغرض من وجودهم إيصال الثواب إليهم دون وقوع المعصية و عقابهم عليها.
و أيضا: فلم لا يجوز أن يكون الانتهاء في الاحتياج إلى النبيّ 6 أو القرآن، و ينقطع التسلسل؟ لأنّا نجيب:
عن الأوّل: بأنّه يقدر عليها، [و] [3] لكن لا يقع مقدوره منه؛ لعدم خلوص داعيه إليها، كما نقول في امتناع وقوع القبائح من الحكيم تعالى، و كما نقول في عصمة الأنبياء، فإنّ القدرة على ما لا يمكن وقوعه[لاعتبار] [4] شيء غير ذاته لا يستنكر، إنّما يستنكر القدرة على ما لا يمكن وقوعه لذاته.
و عن الثاني: أنّا لا نقول: إنّ الحكيم تعالى جعل شخصا واحدا بفعله معصوما من غير استحقاق منه لذلك، لكنّا نقول: كلّ من يستحقّ الألطاف الخاصّة-التي هي العصمة-بكسبه فهو تعالى يخصّه بها، ثمّ الإمام يجب أن يكون من تلك الطائفة، فالمكلّفون بأسرهم لو استحقّوا بكسبهم تلك الألطاف لكانوا كلّهم معصومين.