بكون الألفاظ موضوعة للمعاني المعلومة و إن كان معروفا عند بعض قدماء الأصوليّين و محلّا للكلام بينهم إلّا انّ الآن صار بطلانه من البديهيّات كما لا يخفى.
و الحاصل انّه لا وجه للقول بقصر التقيّد بعنوان المانعيّة أو الشرطيّة بما علم اتّخاذه من الحيوان المأكول أو غير المأكول حتى يخرج المشكوك عن الاتّصاف بهما رأسا، و ذلك لخلوّ أدلّة الباب عمّا يوجب هذا التقييد، و لوضوح عدم دخل العلم في مداليل الألفاظ كما عرفت، و لتماميّة الإطلاقات في إثبات المانعيّة المطلقة كما لا يخفى.
و لكنّه يظهر من المحقّق القمّي (رحمه اللّٰه) و من بعض الأعلام دعوى اختصاص مدلول الدليل بصورة العلم، بمعنى كون العلم مأخوذا في الموضوع بعنوان الموضوعيّة، فتكون القيديّة المستفادة من الخطابات مختصّة بصورة العلم بكون الجزء من الحيوان الغير المأكول أو المأكول.
و الوجه في ذلك الاختصاص- مع كونه منقوضا حيث إنّهم لا يلتزمون بكون حرمة الخمر مختصّة بصورة العلم بكونه خمرا بل الخمر الواقعي حرام لا ما هو المعلوم خمريّته كما هو واضح- امّا دعوى وضع الألفاظ للمعاني المعلومة كما يظهر من بعض الكلمات، و لكن يردّه ما عرفت من كون الألفاظ موضوعة للمعاني النفس الأمريّة الثابتة في الواقع من غير مدخليّة لعلم المخاطب بها، و امّا دعوى صراحة خصوص بغض الأخبار و ظهور بعضها الآخر في ذلك كما عن المحقّق القمي (رحمه اللّٰه)، و إمّا دعوى انصراف الألفاظ و لو في مقام التكليف إليها، و لكن دعوى الصراحة و الظهور بلا منشأ كما هو واضح، كما انّه لا موجب للانصراف المذكور أصلا.
ثمّ انّه يظهر من مطاوي كلماتهم كون الموجب لذلك دعوى اختصاص القيديّة المستفادة من الخطابات بصورة العلم من حيث قصر مدلول الهيئة بها و اقتضائها لتقييد المادة أيضا، نظير التقييد بالقدرة حسبما يقتضيه عدّهم العلم