responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : بحوث في شرح مناسك الحج المؤلف : الشيخ أمجد رياض والشيخ نزار يوسف    الجزء : 1  صفحة : 467

الدقيق العرفي، والنظر المسامحي العرفي. ولابد من التمييز بين هذه الأنظار الثلاثة، ويمكن ذلك بملاحظة المثال التالي ..

إذا وضع شخص كمية من الحناء على يده فتلونت بلونه، ثم غسل يده ولكن بقيت أجزاء صغيرة جداً من مادة الحناء في بعض شقوق الكف، لم يمكن نفي بقاء الحناء فيها إلا وفق النظر المسامحي العرفي، فإن العرف يتسامح في الأجزاء الصغيرة جداً، ويعتبر وجودها وعدمها سواء، ولكن مقتضى النظر الدقيق العرفي هو بقاء قليل من الحنّاء في الموضع فلو كان مانعاً عن وصول الماء إلى البشرة لم يصح الوضوء إلا بعد إزالته.

وهكذا لا يؤخذ بالمسامحات العرفية في سائر مواردها كالماء الذي يقلّ عن مقدار الكر ولو بقدر غرفة واحدة، فإنه وإن صدق عليه الكر بالنظر المسامحي العرفي إلا أنه لا عبرة به ولا يترتب عليه حكم الكر من حيث كونه معتصماً مثلاً.

وإذا فرض في المثال المذكور أنه قام الشخص بغسل يده جيداً حتى أزال الأجزاء الصغيرة جداً من الحنّاء من بين شقوق الكف أمكن عندئذٍ نفي بقاء الحنّاء في يده، ويكون ذلك بالنظر الدقيق العرفي، لا بالنظر الدقيق العقلي لفرض بقاء لون الحنّاء في البشرة، واللون من الأعراض، والثابت في محله استحالة انتقال العرض من محله إلى محل آخر. أي أن وجود اللون في الكف دليل عقلي على بقاء جزيئات من الحنّاء على البشرة، وهي التي تعطي لها هذا اللون، ولكن هذا بالنظر الدقيق العقلي، وأما العرف فلا يرى ــ حتى بالنظر الدقيق ــ بقاء شيء من الحنّاء في الموضع بل يرى بقاء لونه فقط.

وهكذا يتضح الفرق بين النظر الدقيق العرفي والنظر المسامحي العرفي من جانب، وبينه وبين النظر الدقيق العقلي من جانب آخر، ومن المعلوم أن ما به العبرة في تشخيص موضوعات الأحكام الشرعية وما يتعلق بها من جوانب أخرى إنما هو النظر الدقيق العرفي، وأما المسامحات العرفية فلا عبرة بها كما تقدم، وكذلك ما تقتضيه الدقة العقلية والعلمية ويكون بعيداً عن الأذهان العرفية فإنه لا يؤخذ به في هذا الباب.

اسم الکتاب : بحوث في شرح مناسك الحج المؤلف : الشيخ أمجد رياض والشيخ نزار يوسف    الجزء : 1  صفحة : 467
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست