الصورة الثانية: أن يثق بتمكنه من الخروج مع القافلة الثانية ولكن لا يحرز إدراك الحج معها، أي أن حال القافلة الثانية مشابه لحال الأولى من حيث أصل التمكن من الالتحاق بأي منهما مع احتمال طرو المانع عن إدراك الحج في كل منهما أيضاً.

وحكم المكلف في هذه الصورة هو التخيير، أي أنه يتخير بين الخروج مع القافلة الأولى وبين الانتظار إلى حين خروج الثانية والالتحاق بها، إذ لا موجب لتعيّن الخروج مع إحداهما بالخصوص.

نعم إذا كان احتمال إدراك الحج في إحداهما أقوى من الأخرى ففي لزوم تقديم الأقوى احتمالاً كلام تقدم نظيره في صورة تزامن خروج القافلتين، فليلاحظ.

الصورة الثالثة: أن لا يثق بتمكنه من الخروج مع القافلة الثانية ولكنه يحرز إدراك الحج معها لو تسنّى له الالتحاق بها، أي أن حال القافلة الثانية على العكس من الأولى، فهو متمكن من الخروج مع الأولى إلا أنه لا يثق بإدراك الحج معها، وأما الثانية فهو غير واثق من التمكن بالالتحاق بها ولكنه يثق بإدراك الحج لو تيسّر له ذلك.

وهل يتخير في هذه الصورة بين الخروج مع القافلة الأولى وبين الانتظار إلى حين خروج الثانية عسى أن يتيسر له الالتحاق بها، أو أنه يتعين عليه الخروج مع الأولى وإن لم يكن واثقاً من إدراك الحج معها؟ احتمالان ..

ووجه الأول أن التمكن من أداء الحج كما أنه غير محرز بالانتظار إلى حين خروج القافلة الثانية لاحتمال عدم تيسر الالتحاق بها، كذلك هو غير محرز بالخروج مع القافلة الأولى لاحتمال عدم إدراك الحج معها فلا موجب للإلزام بالالتحاق بالأولى.

وبعبارة أخرى: إن الخروج إلى الحج مما لا عبرة به بعنوانه ليقال: إنه محرز بالانضمام إلى القافلة الأولى وغير محرز مع الانتظار إلى حين خروج الثانية، بل العبرة بنفس أداء الحج، وهو غير محرز على التقديرين، فلا مقتضي لتعيّن الأول.