اسم الکتاب : البرصان و العرجان و العميان و الحولان المؤلف : عمرو بن بحر الجاحظ الجزء : 1 صفحة : 409
و كان روح أكثر الناس عبثا و هزلا، و إذا في الحمام شيخ أحدب لم أر مثل حدبته[1]، و إذا هو مطليّ و قد ولّى وجهه الحائط، و ليس في الحمام غيرنا و غيره، و نحن شباب، فقال لي روح: إنّى عزمت على شيء. قلت:
و ما هو؟قال: قد صحّ عندي أنّ الأحدب إذا حكّوا حدبته ضرط، و ليس لي بدّ من ذلك!فقلت له: و مالك في ذلك؟قال: و اللّه لضرطة أحبّ إليّ من بدرة[2]!قلت: فدونك. فدنا منه و كأنّه ليس يريده، فلمّا صار بالموضع الذي قد أمكنه فيه ما أراد، و إذا الأحدب على حذر، و لكأنّه قد حكّت حدبته ألف مرّة و ضرط ألف ضرطة، و هو يستعمل الحراسة استعمال مجرّب. فلما كاد روح أن ينال ظهره انفتل إليه انفتالة أسرع من الطّرف، ثم لطمه لطمة ما سمعت بمثل وقعتها قطّ، و سقط روح مغشيّا عليه من الضحك و قال: أنا بلطمته أشدّ عجبا منّي بضرطته!و ولّى الأحدب وجهه إلى الحائط كأنّه لم يصنع شيئا.
و تزعم العامّة أنّ من اعتراه الحدب طال أيره و اشتدّ شبقة، و أحدث له ذلك ظرفا و خبثا..
و من الوقص[3]:
مالك بن سلمة[4]
و هو ذو الرّقيبة، و هو الذي أسر حاجب ابن زرارة. و كان من الممدّحين و المعمّرين، و إيّاه عنى [1]في الأصل: «حديثه» ، تحريف و انظر هامش 4 ص 408.
[2]البدرة، بالفتح: كيس به قدر من المال يتعامل به، و يقدّم في العطايا و المنح.
[3]الوقص: جمع أوقص و وقصاء، و هو القصير العنق.
[4]سبقت ترجمته و خبره مع حاجب بن زرارة الذي أعاد أسره ليخلصه من أسر الزهدمين في حواشي ص 98. و في الأصل: «مالك بن ملسمة» ، تحريف.
اسم الکتاب : البرصان و العرجان و العميان و الحولان المؤلف : عمرو بن بحر الجاحظ الجزء : 1 صفحة : 409