اسم الکتاب : البرصان و العرجان و العميان و الحولان المؤلف : عمرو بن بحر الجاحظ الجزء : 1 صفحة : 366
فهو يسمى «المشعّب[1]» . فلا أدري أيّهم أعظم كفرا و أقسى قلبا:
الآباء أو الأمّهات الذين يسلمون أولادهم إلى المشعّب حتى يعمي أبصارهم، و يعرج أرجلهم، و يزمنهم[2]و يشوّه بهم، أو المشعّب نفسه الذي ترك كلّ صناعة في الأرض و تعلّم هذه الصناعة فجعلها مكسبته[3]التي لا يفارقها.
و أنا رأيت من هذه الصّفة جماعة قد أزمنوا أولادهم[4]، و كتبت عنهم تصنيف المكدّين[5].
-ما يقوله أهل المشرق، يقولون المكدّية للسؤال الطّوافين على البلاد، و الصواب: مكد، من قولك حفر فأكدى، إذا بلغ الكدية فلم ينبط ماء. انظر شفاء الغليل في حرف الكاف، و مفردات الراغب (كدى) و شرح الدرة للخفاجي 197. لكن الجاحظ يستعمله بتشديد الدال كما في البخلاء 39، 40 في حديث خالد بن يزيد حيث استعمل كلمة (التكدية) مرّتين. لذلك ضبطته هنا بضبطه.
[1]في البخلاء 45: و المشعّب: الذي يحتال للصبيّ حين يولد، بأن يعميه أو يجعله أعسم أو أعضد، ليسأل الناس به أهله. و ربما جاءت به أمّه و أبوه ليتولّى ذلك منه بالغرم الثقيل، لأنه يصير حينئذ عقدة و غلّة، فإمّا أن يكتسبا به، و إما يكرياه بكراء معلوم، و ربما أكروا أولادهم ممن يمضي إلى إفريقية فيسأل بهم الطريق، أجمع، بالمال العظيم.
[2]يزمنهم، أي يجعلهم زمنى، من الزّمانة، و هي العاهة. و في تاج العروس: «و أزمن اللّه فلانا: جعله زمنا، أي مقعدا أو ذا عاهة» .
[3]المكسبة، كالمغفرة: الكسب. و في القاموس: «و فلان طيب المكسب و المكسب و المكسبة كالمغفرة، و الكسبة بالكسر، أي طيب الكسب» .
[4]انظر الحاشية السابقة.
[5]ذكر هذا الكتاب صاحب الفرق بين الفرق ص 162 في معرض الكلام في الطعن على كتب الجاحظ. يقول البغدادي: «و منها كتبه في القحاب و الكلاب و اللاّطة، و في حيل المكدّين» . .
اسم الکتاب : البرصان و العرجان و العميان و الحولان المؤلف : عمرو بن بحر الجاحظ الجزء : 1 صفحة : 366