اسم الکتاب : الاستنساخ بين التقنية والتشريع المؤلف : السيد علي السبزواري الجزء : 1 صفحة : 9
و بفضل الجهود الجبّارة تطوّرت علوم الحياة و تشعّبت أنواعها لتشمل كافّة خصوصيات الحياة المتعدّدة، فأصبح من أهمّ فروعها العلوم الوراثيّة المتشعّبة و السريعة التطوّر، لتكون أحد أبوابها الهندسة الوراثيّة التي تعنى بتركيبة الجينات و دراسة خصوصياتها و إعادة هندسة الخلية وراثيا بهدف اكتسابها صفة لم تكن تمتلكها بالسابق، أو تقوية صفة بها، أو تصحيح خلل وراثي موجود و نحو ذلك.
فهو علم تطبيقيّ قد حلّ كثيرا من الغموض الذي كان يكتنف مبدأ خلق الكائنات الحيّة من أصغرها إلى أعقدها في السلم التطوريّ كالإنسان، و كشف أسرار الخلية. و ما زال الجهد متواصلا، و قد لمسنا آثاره في كثير من مظاهر الحياة، التي منها تحسين الإنتاج النباتيّ و الحيوانيّ و تكثيره، و حلّ بعض المشاكل، و تشخيص كثير من الأمراض الوراثيّة، و كشف العلاج لها، و صنع الأدوية الخاصّة.
و هو علم طموح يسعى إلى مزيد المعرفة و الاكتشافات التي توّجت أخيرا بأهمّها، و هو كشف خارطة الجينات التي تعدّ ثورة علميّة في هذا المضمار، و من قبله الاستنساخ أو الاستنسال، الذي هو خلق نسخة مطابقة للأصل شكلا. و هو و إن كان في بداياته و يصاحبه الغموض، لكن البداية قد تحقّقت و الجهود متواصلة، و قد تجاوز العلماء مرحلة الاستحالة إلى الوقوع، فلم يبق إلّا إزالة الموانع و المشكلات التي تكون عائقا في سبيل التكثير و التعميم ليشمل الإنسان، ممّا قد أثار جدلا واسعا بين العلماء و أرباب السياسة و المصلحين و علماء الأديان و القانون بما لم يكن معهودا في موضوع آخر.
و قد طلب منّي بعض الإخوان أن أكتب حول هذا الموضوع العتيد، و قد كنت متردّدا في بدء الأمر لأسباب عديدة، منها عدم وضوح الموضوع حتّى عند من يقول بإباحته بل تكثيره، و عدم الإحاطة كاملا، و قلّة المصادر، و لمعرفة ما ينتج من خضم الجدال، و ما يمكن للعلماء من إقامة الحجج و البراهين.
اسم الکتاب : الاستنساخ بين التقنية والتشريع المؤلف : السيد علي السبزواري الجزء : 1 صفحة : 9