اسم الکتاب : الإمام الصادق عليه السلام المؤلف : الشيخ محمد حسين المظفر الجزء : 1 صفحة : 230
الكريم.
فكان اذا بلغه نيل منه و وقيعة و شتم يقوم فيتهيّأ للصلاة فيصلّي ثمّ يدعو طويلا ملحّا في الدعاء سائلا ربّه ألّا تؤاخذ ذلك الجاني بظلمه و لا يقايسه على ما جنى، لأن الحقّ حقّه، و قد وهبه للجاني غافرا له ظلمه [1].
بل يزيد على ذلك في ذوي رحمه فيقول: إني لا حبّ أن يعلم اللّه أني أذللت رقبتي في رحمي، و أني لأبادر أهل بيتي أصلهم قبل أن يستغنوا عني [2].
إن الحوادث محكّ، و بها تعرف مقادير الرجال، و بها تبلى السرائر و من ثمّ تعرف الفرق بين أبي عبد اللّه و بين ذوي قرابته، فكان يجفوه أحدهم، بل ينال منه الآخر شتما و نبزا، بل يحمل عليه الثالث بالشفرة عامدا على قتله، و ليس هناك ما يدعوهم الى تلك الجفوة و القسوة و القطيعة فيعاملهم على عكس ما فعلوه معه، فتراه واصلا بدل القطيعة، و بارّا عوض الجفاء، و عاطفا بدل القسوة.
لقد أحزنته تلك النكبات التي أوقعها المنصور ببني الحسن حتّى لقد بكى و ظهر عليه الجزع و الاستياء بل حمّ أياما حين حمل المنصور شيوخ بني الحسن و رجالهم من المدينة الى الكوفة، و هم قد لاقوه بسيّئ القول بالابواء يوم أرادوا البيعة لمحمّد، و ما زال محمّد و أبوه عبد اللّه يلاقيانه بالقول السيّئ زعما منهما أنه كان حجر عثرة في سبيل البيعة لمحمّد، و لمّا أن ظهر محمّد بالمدينة أرسل على الصادق يريد منه البيعة، و حين امتنع عليه قابله بسوء القول و الفعل، و كم تجرّع غصصا من بني العبّاس و رجالهم، و لو لم يكن قادرا على شيء ينتقم به منهم إلّا الدعاء لكفى به سلاحا ماضيا.